للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تاريخ تحرك الجيش من المدينة]

وهكذا، وفي أوائل شهر رمضان المبارك من السنة الثامنة للهجرة بدأت عقارب الساعات في تاريخ الإِسلام الحاسم تتحرك في مدارها زاحفة نحو الصفر الذي بوصولها إليه تحول مجرى الصراع بين الإِسلام والوثنية تحولًا نهائيًا لصالح الإسلام. حيث تمت السيطرة لجيوش التوحيد على مكة في أواخر هذا الشهر المبارك. وباستيلاء المسلمين على العاصمة المقدَّسة انهار أعظم معقل للوثنية في جزيرة العرب. وبانهياره أخذت بقية الجيوب الوثنية في الجزيرة تتساقط الواحد بعد الآخر دونما أي عناء حربي يذكر، ما عدا الصدام العنيف الذي جرى بين المسلمين وهوازن في وادي حنين في شهر شوال من السنة الثامنة للهجرة.

ففي اليوم العاشر من شهر رمضان المبارك فصل النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقوات الإسلامية الرئيسية من المدينة.

وكانت أول الأمر -كما ذكرنا- حوالي سبعة آلاف مقاتل فقط.

انضم إليها تباعًا أثناء التحرك من القبائل المسلمة ما جعل عددها يبلغ عشرة آلاف مقاتل. وقال بعضهم اثنى عشر ألف مقاتل (١).

[خروج الجيش على غير تعبئة]

والأكثر ترجيحًا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج بجيشه من المدينة على غير تعبئة. وأنه لم يعبِّئه ويُكتِّب كتائبه ويوزع راياته على قادة الألوية والفرق إلّا عندما وصل إلى قديد بديار حلفائه خزاعة.

لأن الجيش لم يكتمل عدده إلا في قديد حيث وافت النبي - صلى الله عليه وسلم - بنو سُليم في ألف فارس يقودهم سيدهم عباس بن مرداس السُلمى (٢). وهم


(١) إمتاع الأسماع ص ٣٦٤.
(٢) هو عباس بن مرداس بن أبي عامر السلمي من مضر قال الزركلي: كنيته أبو الهيثم، شاعر فارس من سادات قومه. أمه الخنساء الشاعرة الشهيرة أسلم قبيل فتح مكة. ويدعى فارس العبيد -بالتصغير- وهو فرسه. كان بدويا قحا. لم يسكن مكة ولا المدينة. وإذا حضر الغزو مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يلبث أن يعود إلى منازل قومه بالبادية. وكان راجح العقل. وهو من حكماء العرب القلائل الذين حرموا الخمر على أنفسهم في الجاهلية مات في خلافة عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>