للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الزحف على الشطر الثاني من خيبر]

بعد أن خسر اليهود الشطر الأول من مدينة خيبر، والذي وقع بأكمله في يد الجيش النبوي، وبعد أن سقطت في أيدى جند الإِسلام القلاع الخمس التي (قاتل اليهود بشراسة وضراوة عن كل قلعة منها في النطاة والشق) تحوّل المنهزمون اليهود من هذه الحصون إلى الشطر الثاني من مدينة خيبر والتحقوا بإخوانهم المتحصنين في القلاع الواقعة في ذلك الشطر، وكانت قلاعًا منيعة كثيرة أهمها (القَمُوص والوَطِيح والسلالم).

وكانت قلعة (القموص) أقوى وأمنع حصون الشطر الثاني من خيبر، وكانت هذه القلعة الكبيرة الحصينة لأبناء أبي الحُقيق وهم عائلة حُيَيّ بن أخطب ثم من بني النضير المنفيين من المدينة بسبب محاولتهم الشهيرة التي دبروها لاغتيال النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو آمن في ديارهم، وحالة عهد وتحالف قائمين بينه وبينهم.

هل فتح الشطر الثاني من خيبر؛ صلحًا أم عنوة؟

اختلف الإِخباريون الإِسلاميون هل تم استيلاء المسلمين على الشطر الثاني من مدينة خيبر عنوة أم صلحًا وبدون قتال؟

فقد ذكر بعضهم أن الشطر الثاني فتح صلحًا وأن مقاومة اليهود انهارت بعد فقدهم الشطر الأول من المدينة، فلم يبدوا أية مقاومة بل سارعوا إلى طلب المفاوضة ثم استسلموا للنبي - صلى الله عليه وسلم - على أساس الصلح، ومن أجل ذلك يقول هذا الفريق إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقسم خيبر كلها بين المسلمين وإنما قسم نصفها وأبقى القسم الآخر تحت تصرفه دونما قسمة ليصرفه في مصالح المسلمين باعتباره فيئًا (١) وليس غنيمة وحجتهم ما رواه يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسم خيبر نصفين: نصفًا له، ونصفًا للمسلمين (٢).


(١) الفئ: هو ما استولى عليه المسلمون في ظروف الحرب دونما قتال، والغنيمة: ما استولى عليه المسلمون من أموال العدو بعد قتال.
(٢) زاد المعاد ج ٢ ص ٣٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>