للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفخرن عليَّ ويقلن: يا ابنة اليهودى قالت فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد غضب ثم قال: إذا قالوا لك أو فاخروك فقولى: أبي هارون وعمّى موسى (١).

وأضاف صاحب كتاب (سمط النجوم العوالى ج ٢ ص ١٦٠) إلى البواعث التي ذكرنا باعثا آخر فقال: إن صفية بنت حيى بن أخطب، هي بنت ملك وزوجة ملك من ملوك اليهود وليست ممن توهب لدِحية لكثرة من كان من الصحابة مثل دِحية وفوقه، وقلة من كان في السبى مثل صفية في نفاستها، فلو خصه بها لأمكن تغيير خاطر بعضهم، فكان من المصلحة العامة ارتجاعها منه فإن في ذلك رضي للجميع.

[أكرموا عزيز قوم ذل]

ثم إننا إذا نظرنا بعين الإنصاف، وجدنا (من خلال تصرفات سادات المسلمين وقادتهم) أن إكرام العزيز (وخاصة العنصر النسائي) الذي ذلّ بعد عزة وانخفض بعد رفعة، خلق إسلامي أصيل سار عليه صاحب الرسالة العظمى محمد - صلى الله عليه وسلم - ومن بعده من الخلفاء الراشدين والأئمة والحكام المهتدون.

ولعل من أبرز ما يؤكد تغلغل هذا الخُلُق النبيل في نفوس الفاتحين المسلمين بعد الرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم - اقتداء به تلك المعاملة النبيلة التي عامل بها الخليفة الفاروق (بتوصية من مستشاره عليّ بن أبي طالب) بنات الملك كسرى الثلاث اللواتي وقعن سبايا في يد الجيش الإِسلامي المنتصر في بلاد الفرس في عهد ابن الخطاب.

فقد ذكر المؤرخون أن الجيش الإِسلامي بعد إستيلائه على مملكة فارس أحضر إلى المدينة سبايا كثيرات من بنات الفرس، وكان بينهن ثلاث من بنات الملك كسرى (يزدجرد) فأمر الخليفة الفاروق ببيعهن في المزاد العلنى من جملة السبايا، ولكن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لفت نظر الخليفة الفاروق إلى أنه ينبغي معاملتهن معاملة خاصة لأنهن بنات ملك حيث


(١) مغازى الواقدي ج ٢ ص ٦٧٤ من حديث أبي سيرة عن أبي حرملة عن أخته أم عبد الله عن ابنة القين المزني عن صفية.

<<  <  ج: ص:  >  >>