للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولشدة الإرجاف وقوة الإشاعة بقى كثير من المسلمين مترددين في تصديق خبر انتصار المسلمين.

قال أسامة بن زيد (١) لقد جئت أبي (وهو أحد مبعوثي النبي من بدر بخبر النصر) حتى خلوت به فقلت له أحق ما تقول؟ ؟ فقال أي والله، حق ما أقول.

قال أسامة فقويت نفسي ورجعت إلى ذلك المنافق، فقلت له، أنت المرجف برسول الله وبالمسلمين، لتقدمنك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قدم فليضربن عنقك، فقال المنافق (متخاذلا) إنما هو شيء سمعته من الناس يقولونه.

[طلائع الجيش المنتصر]

وبالرغم من تأكيد الرسولين (ابن حارثة وابن رواحة) خبر نصر المسلمين وهزيمة المشركين، فقد ظل اليهود والمنافقون يقاومون ما قرع آذانهم من بشائر الفوز المحقق، واستمروا في مكابرتهم حتى أخرستهم الحقيقة الملموسة المجسدة التي لا تجدى معها إشاعة أو إرجاف.


(١) أسامة هذا هو ابن زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولد أسامة في الإسلام، وقد أعطاه الرسول (قبل موته بقليل) القيادة على جيش عظيم الغزو أطراف الشام، تولى أسامة قيادة هذا الجيش وهو ابن ثماني عشرة سنة، وكان عمر بن الطاب ممن انضوى تحت لوائه، وقد مات الرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن يفصل جيش أسامة من المدينة فبقى مرابطًا في ضواحي المدينة حتى بويع أبو بكر بالخلافة، ثم أمر هذا الجيش بأن يواصل سيره إلى الجهة التي رسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيادة أسامة، إلا أن أبا بكر استأذن أسامة في السماح لابن الخطاب (الذي كان أحد جنوده) أن يبقى معه في المدينة ففعل: اعتزل أسامة الفتنة بعد قتل عثمان ووقف على الحياد بين الفريقين حتى توفاه الله في أواخر خلافة معاوية رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>