للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمهات التاريخ كما وجدها.

غير أن الذي تميل إليه النفس والمرجح (بعد البحث والمقارنة) هو أن الأقرب إلى الصواب أن مدة ملك الغساسنة في الشام هو حوالي ٤٠٠ سنة فقط وهو ما قاله الباحث الألمانى (نولدكه) لا ٦٠٠ سنة كما ذكره العلامة حمزة الأصفهانى، وذلك أن المرجح الغالب على الظن -كما تقدم- أن الغساسنة إنما طلع نجمهم وظهر أمرهم في الشام كأمراء أو ملوك إنما كان بعد زوال ملك بقايا العمالقة من آل أذينة في (تدمر) وذلك إنما حدث حوالي عام ٢٧٥ - ٢٨٠ للميلاد.

فإذا قلنا إن ملكهم بدأ (وهذا هو الصواب) حوالي عام ٢٤٨ بتولى أول ملك منهم على الشام هو -كما جاء في كتب الإِخباريين الإِسلاميين - (جفنة بن عمرو) فإن الذي لا جدال فيه ولا خلاف بين المؤرخين (مسلمين ورومان ويونان) أن آخر ملك حكم الشام من قبل الرومان هو جبلة بن الأيهم الغساني، الذي اعتنق الإِسلام ثم ارتد في عهد الفاروق عمر الذي كانت جيوشه قد استولت على دمشق وكل أقاليم الشام. وذلك إنما حدث حوالي عام ثمانية عشر للهجرة، وهو يوافق (بالتحديد) عام ٦٤٩ م (١) فعلى هذا يكون (وبصورة قاطعة) حكم الغساسنة للشام - منذ نزلوا مشارفها - لم يزد على ٤٠٠ سنة، وهذا هو الذي حققه المؤرخ أبو الفداء (٢).

[تاريخ الغساسنة العسكري والسياسي]

أما تاريخ الغساسنة السياسي، فرغم هذه المئات من السنين التي كانوا فيها ملوكًا على الشام ورغم تعاقب ذلك العدد الكبير من الملوك منهم على كراسى الحكم في الشام. فإنهم ظلوا منذ بداية حكمهم حتى نهايته تابعين لأباطرة الرومان يأتمرون بأمرهم ويحكمون مناطق الشام باسمهم، ويجبون الضرائب والأتاوات لخزائنهم مع استقلال داخلى هو مطلق دونما شك في شئونهم الداخلية مع عشائرهم.


(١) انظر أطلس التاريخ الإسلامي لهارى. و. هازارد ص ٤٤.
(٢) تاريخ أبي الفداء ص ٧٦ ج ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>