للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن أدلك على ما تستريح به من أهل النطاة وتخرج إلى أهل الشق (١)، فإن أهل الشق قد هلكوا منك رعبًا، قال: فأمَّنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أهله وماله، فقال اليهودى: إنك لو أقمت شهرًا تحاصرهم ما بالوا بك إن لهم شربًا ودبولًا وعيونًا تحت الأرض يخرجون بالليل فيشربون منها ثم يرجعون إلى قلعتهم فيمتنعون منك، فإن قطعت شربهم اصحروا (٢) لك، فسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مائهم (الذي دلّه عليه اليهودى غزّال) فقطعه (٣).

[إجبار اليهود على القتال]

ولقد حدث ما توقع اليهودى (غزّال) أنه سيحدث إذا ما قطع المسلمون الماء عن قلعة انربير، فبمجرد استيلاء النبي - صلى الله عليه وسلم - على منابع المياه وقطعها عن اليهود، اضطر المدافعون عن الحصن إلى الخروج منه للقتال. وكان يهود النطاة - وأهل قلعة الزبير منهم - أحد اليهود وأهل النجدة منهم (٤).

فخرج منه جميع المقاتلين وشنّوا على المسلمين هجومًا عنيفًا، وقاتلوهم قتال، شديدًا استماتوا فيه محاولين إبعاد المسلمين عن الحصن واستعادة منابع المياه منهم.

لكن المسلمين ثبتوا لهجوم اليهود فاحتدمت العركة أمام القلعة، ثم تحول المسلمون من موقف الدفاع إلى الهجوم، فشدّوا على اليهود شدة رجل واحد، فانكشفوا أمامهم، وتسابق اليهود ليعودوا إلى القلعة ويقفلوا أبوابها للتحصن فيها كما كانوا يفعلون في معارك حصن ناعم وحصن الصعب.

ولكن المسلمين لم يتركوا لهم الفرص ليفعلوا ذلك حيث طاردوهم واقتحموا الحصن بعد أن قاتلوا اليهود عند أبوابه ومنعوهم من إغلاقها ثم استولوا على الحصن.


(١) الشق: منطقة تقع في القسم الأول من خيبر.
(٢) أصحر: ظهر وانكشف.
(٣) انظر زاد المعاد ج ٢ ص ٣٣١، ومغازى الواقدي ج ٢ ص ٦٦٦ والبداية والنهاية ج ٤ ص ١٩٨ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٦٥.
(٤) مغازى الواقدي ج ٢ ص ٦٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>