للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشجعان. ثمَّ يقول الإِمام ابن كثير: "وهذا مما يدخل في قوله تعالى: {قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَينِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيهِمْ رَأْيَ الْعَينِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} (١). أهـ (٢)

[هل انتصر المسلمون في مؤتة أم انهزموا؟ .]

إن سياق أصحاب المغازي والسير فيه اختلاف (بعض الشيء) في وصف معركة مؤتة والحال التي كان عليها الجيش الإِسلامي. فبعضهم يقول: إنهم انهزموا بعد مقتل قادتهم الثلاثة ومضوا في هزيمتهم حتى المدينة وبعضهم يقول: إنهم صبروا وقاتلوا قتالًا شرسًا ولم يتمكن الرومان من التغلب عليهم. حتى صُرع قادتهم الثلاثة. فأصابتهم الهزيمة. وأخذوا في الفرار. إلا أن خالد بن الوليد أنقذ الموقف حين تسلّم قيادة الجيش فأعاد المنهزمين وقام بتنظيم الجيش من جديد وشنَّ على الرومان هجومًا مضادًا أزال به صفوفهم وأشاع الرعب في قلوبهم وأحدث فيهم مقتلة عظيمة ثمَّ انسحب بالجيش سليمًا دونما أيَّ فوضى أو اضطراب. وهذا هو الذي سماه بعض المؤرخين فتحًا. . وهذا الرأي الأخير هو الرأي الصحيح وهو ما شهد به النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث أدلى به من على منبر المسجد في المدينة فقد قال - صلى الله عليه وسلم - وهو أصدق الصادقين -. قال وهو يصف معركة مؤتة لأهل المدينة كما أراها الله: "باب خير باب خير باب خير. أخبركم عن جيشكم هذا الغازى. إنهم انطلقوا فلقوا العدوَّ. فقُتِل زيد شهيدًا فاستغفروا له. ثمَّ أخذ الراية جعفر. فشدَّ على القوم حتى قُتِل شهيدًا فاستغفروا له. ثمَّ أخذ الراية عبد الله بن رواحة وأثبت قدميه حتى قُتِل شهيدًا فاستغفروا له ثمَّ أخذ اللواء خالد بن الوليد ولم يكن من الأمراء وهو أمير نفسه ولكنه سيف من سيوف الله فآب بنصره. وفي لفظ ثمَّ أخذ الراية خالد بن الوليد. نعم عبد الله وأخو العشيرة وسيف من سيوف الله سلّه الله على الكفار والمنافقين من


(١) آل عمران / آية ١٣.
(٢) البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>