للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكر المؤرخون أن مبعوث النبي - صلى الله عليه وسلم - بكتابه إلى كسرى لما وصل وعلم كسرى بذلك أمر بإيوانه أن يزين ثم أذن لعظماء فارس، ثم أذن بعد ذلك لمبعوث النبي - صلى الله عليه وسلم -. فلما أن دخل عليه أمر كسرى بكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقبض. فقال المبعوث النبوى الخاص: لا حتى أدفعه إليك كما أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال كسرى أدنه، فدناه. فناوله الكتاب ثم دعا كسرى كاتبا له (من عرب الحيرة) فبدأ قرأءة الكتاب فإذا فيه (من محمد رسول الله إلى عظيم الفرس) فأغضبه ذلك حين بدأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفسه وصاح وغضب ومزق الكتاب قبل أن يعلم ما فيه (١) فلما بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - ما فعل كسرى بكتابه قال: (مزِّق ملكه) (٢).

وبعض أهل السير يذكر أن كسرى لم يمزق كتاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلا بعد أن قرأه عليه الترجم كله، قال (غاضبا): يكتب إلى هذا وهو عبدى (٣).

وذكر آخرون من المؤرخين والمختصين في بحث خطابات الرسول - صلى الله عليه وسلم - ووثائقه ومعاهداته أن كسرى (أبرويز) - بعد أن هدأ غضبه. طلب إعادة مبعوث النبي - صلى الله عليه وسلم - الخاص إليه بعد أن أمر بطرده. ولكن حرسه لم يعثروا عليه. حيث وجدوه غادر المدائن (٤).

[عامل كسرى على اليمن يعصى أمره ويسلم]

ولم يكتف كسرى بتكذيب النبي - صلى الله عليه وسلم - وتمزيق كتابه وطرد مبعوثه. بل أصدر أمره إلى عامله بصنعاء (باذان) وهو ملك اليمن من قبله. أصدر أمره إليه بأن يرسل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قوة لتقبض عليه، ثم يرسله إليه في المدائن مخفورًا.


(١) البداية ج ٤ ص ٢٦٩.
(٢) تاريخ الطبري ج ٢ ص ٦٥٥ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٦٩ جاء فيها (مزق كسرى ملكه).
(٣) تاريخ الطبري ج ٢ ص ٦٥٥ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٢٦٩.
(٤) الحلبية ج ٢ ص ٢٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>