كان صلح الحديبية الذي ينص على عودة المسلمين من الحديبية (المسماة اليوم بالشميسي) إلى المدينة دون أن يدخلوا مكة. على أن يسمح لهم بدخولها للعمرة بعد سنة من تاريخ إبرام هذا الصلح .. كان هذا الصلح قد عقد في ضهر ذي القعدة من السنة السادسة للهجرة.
ولذلك فإن المسلمين بعد مرور سنة كاملة على عقد هذا الصلح أدوا مناسك العمرة قضاءًا ومن أجل ذلك أطلق على هذه العمرة التاريخية عمرة القضاء أو عمرة القضية.
ففي شهر ذي القعدة من السنة السابعة للهجرة (وبعد مرور حوالي أحد عشر شهرًا على انتصار المسلمين الساحق على اليهود في خيبر وقبل أحد عشر شهرًا من فتح مكة وغزوة حنين) وجه النبي الأعظم - صلى الله عليه وسلم - نداء إلى أصحابه أمرهم فيه بأن يستعدوا للتوجه معه إلى مكة المكرمة ليعتمروا -قضاء عمرتهم التي صدهم المشركون عنها في السنة الماضية- وكان أمره - صلى الله عليه وسلم - يقضى بأن لا يتخلف أحد عن عمرة القضاء هذه من الذين شهدوا الحديبية في السنة السادسة للهجرة وصدوا مع من صدوا عن البيت.
فلبى الصحابة طلب نبيهم - صلى الله عليه وسلم - ونفذوا أوامره. فلم يتخلف عن عمرة القضاء هذه أحد ممن شهد الحديبية إلا رجال كتبت لهم الشهادة في معركة خيبر الحاسمة أو رجال وافاهم الأجل المحتوم قبل أن يحل ميعاد القيام بعمرة القضاء هذه.
[عدد المعتمرين عمرة القضاء]
كذلك لم يمانع النبي - صلى الله عليه وسلم - في أن يخرج معه من أراد العمرة ممن لم يشهد الحديبية من المسلمين. فاعتمر معه (بالإضافة إلى أصحاب الشجرة أهل الحديبية) ستمائة كلهم لم يشهد الحديبية .. فهو إما ممن تخلف عنها وإما ممن أسلم بعدها .. فكان عدد الذين أدّوا العمرة تلك السنة التاريخية ألفين من الصحابة.
لقد كان فرح المسلمين عظيمًا حينما سمعوا نداء النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يأمرهم