للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وصول المسلمين إلى خيبر]

استمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في زحفه نحو خيبر، وبينما هو يسير بالجيش طلب من أحد أصحابه (وهو عامر بن الأكوع) أن يحدو لهم: والحداء هو إنشاد يرفع به الحادي صوته مع الترنيم فتنشط لذلك الإبل في سيرها.

فنزل عامر بن الأكوع عند رغبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأخذ يحدو للجيش بهذه الأبيات:

والله لولا الله ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلَّينا

فأنزلن سكينة علينا ... وثبّت الأقدام إن لاقينا

وذكر المؤرخون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُعجب بحداء ابن الأكوع فقال: يرحمك الله.

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قال لإنسان يرحمك الله، قتل شهيدًا، ولهذا قال عمر بن الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم -: وجبت يا رسول الله .. (أي الشهادة) هلا أمتعتنا به؟ .

وفعلًا رزق الله عامر بن الأكوع الشهادة في معركة خيبر، حيث بارز أحد اليهود، وأثناء البراز أراد أن يضرب ساق اليهودى بسيفه (وكان قصيرًا) فعاد عليه السيف فأصاب عين ركبته فمات متأثرًا بالجرح الذي أصابه من سيفه، فقال البعض: إن عامر بن الأكوع قد حبط عمله على اعتبار أنه قتل نفسه (بزعمهم) فاغتم أخوه سلمة بن الأكوع (١) لهذا القول، ولما رآه رسول الله كذلك أخذ بيديه وقال له: ما لك؟ .

قال: فداك أبي وأمى، زعموا أن عامرًا حبط عمله، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: كذب من قال، إن له أجرين (وجمع بين أصبعيه): إنه لجاهِدٌ مجاهدٌ، قلَّ عربي مشى بها مثله.

[أربعوا على أنفسكم]

وفي غزوة خيبر -والجيش في طريقه إليها- رفع بعض الجيش أصواتهم


(١) رواه مسلم، وذكره في البداية والنهاية ج ٤ ص ١٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>