في الآية السابعة والعشرين من سورة الأنفال وهل قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.
[انهيار اليهود في المقاومة]
لقد كانت استشارة أبي لبابة آخر محاولة يقوم بها بنو قريظة للحصول على أي شرط يحقنون به دماءهم عن الاستسلام، ولكنهم بدلًا من أن يظفروا بشيء من ذلك تلقوا من أبي لبابة (بإشارته تلك) ما يؤكد لهم أن الموت مصيرهم إن هم استسلموا للمسلمين ونزلوا على حكم النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وبهذا انقطع آخر خيط من الأمل لهم في التخفيف، وبدلًا من أن يكون ذلك حافزًا لهم على الاستبسال والقتال حتى الموت تملكهم الرعب والفزع وسيطرت عليهم روح الجبن، فانهاروا انهيارًا كليًّا.
لقد كان بوسع بني قريظة (وخاصة في ذلك الظرف) أن يستمروا في المقاومة لأشهر طويلة، يكسبون فيها بعض التنازلات من جانب المسلمين كالاكتفاء بنفيهم من المدينة.
لقد كان المسلمون المحاصرون لهم في حالة تعب شديد نتيجة الجهد المضنى الذي بذلوه في ليالى الخندق التي تحالف فيها البلاء على المسلمين وأحاطهم من كل جانب طيلة أكثر من خمس وعشرين ليلة، حرموا فيها حتى النوم لشدة الخوف ودوام الحراسة والمرابطة في وجه عدوهم الجبار المحاصر لهم والذي ما كان يترك لهم فرصة يستريحون فيها.