وبالرغم من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أدرك أن كنانة بن أبي الحقيق والوفد المرافق له، لم ينزلوا من حصونهم لمفاوضة النبي - صلى الله عليه وسلم -، إلا بعد أن انهارت مقاومتهم وأيقنوا أنهم مأخوذون عَنْوة، وأن حكمهم كحكم الذين تؤخذ حصونهم وأراضيهم عَنْوة، فيؤسر مقاتلوهم وتسبى نساؤهم وذراريهم، وتؤخذ كل أموالهم غنيمة المسلمين دونما استثناء، كأعداء لم يسلِّموا إلا بعد حصار وحرب وقتال .. فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد تسامح مع هؤلاء اليهود، حيث أبرم معهم اتفاقية أهم ما حصلوا عليه فيها "حقن دمائهم وإعفاء نسائهم وذراريهم من السبى" وهو أمر ما كانوا ليظفروا به لولا روح التسامح التي عاملهم بها النبي - صلى الله عليه وسلم -.
[بنود اتفاقية التسليم]
ويمكن تلخيص بنود الاتفاق النهائي هذا فيما يلي:
١ - على اليهود أن يخلوا جميع القلاع والحصون ويتركوا كل ما فيها من آلات حربية وأسلحة، ليستولى عليها الجيش الإِسلامي لتصبح جزءًا من أملاك المسلمين الغزاة.
٢ - على اليهود أن يسلموا للمسلمين كل ما في حوزتهم من أسلحة، وأن لا يحملوا سلاحًا ما داموا في خيبر.
٣ - يتعهد النبي - صلى الله عليه وسلم - بحقن دماء اليهود التي جرت المفاوضة باسمهم ويعفى نساءهم وأطفالهم من الاسترقاق.
٤ - على اليهود أن يجلوا عن خيبر ويغادروها إلى الشام.
٥ - يسمح المسلمون لليهود عند جلائهم عن خيبر أن يأخذوا من الأموال ما حملت ركابهم (١).
(١) هذه رواية أبي داود عن حماد بن سلمة (انظر نصب الراية للزيلعي ج ٣ ص ٣٩٩ وقد ذكر بعض المؤرخين أن اتفاقية الجلاء تمت على أساس أن لا يحمل اليهود معهم عند الجلاء شيئًا إلا ثوبًا على إنسان، ولكن الأول أثبت وأقرب إلى أسلوب الرسول - صلى الله عليه وسلم - في معاملة المهزومين المطلوب =