- صلى الله عليه وسلم -، وفي هذا -كما قال النووي- بيان عظيم مكارم أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد علم ما كان من هذا المنافق من الإِيذاء، وقابله بالحسنى، فألبسه قميصه وصلى عليه واستغفر له. قال تعالى:{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}(١).
وقال ابن العربي - تعليقًا على استغراب عمر بن الخطاب صلاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - على ابن أبي -: وافق عمر ربه تلاوة ومعنى في أحد عشر موضعًا، منها هذه القصة، وفي قوله:{عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ}، وفي قوله: لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلّى، وفي الحجاب، وفي أسارى بدر، وكل هذه في الصحيح، وفي آية المؤمنين كما رواه أبو داود الطيالسي من حديث علي بن زيد وافقت ربى لما أنزلت:{ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ}. فقلت أنا:{فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} فنزلت. وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره من حديث أنس، وفي تحريم الخمر كما روى أصحاب السنن والحاكم أن عمر قال: اللهم بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا، فأنزل الله تعالى تحريمها، وفي قوله تعالى:{مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ} الآية، ذكره البغوي وابن جرير وابن أبي حاتم من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى، ومنها قصة الاستغفار للمنافقين، كما روى الطبراني من حديث ابن عباس. قال: لا أكثر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الاستغفار لقوم من المنافقين قال عمر:{سَوَاءٌ عَلَيهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ}.
[القرآن والمنافقون]
لقد كانت أكثر أعمال المنافقين بروزًا في غزوة تبوك، ولهذا فقد فضحهم القرآن الكريم، فأنزل الله تعالى أكثر من ثمانين آية في هؤلاء المنافقين، وذلك في سورة براءة التي من أسمائها (الفاضحة) لأنها فضحت هؤلاء المنافقين.