للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[موقف المقوقس حاكم مصر]

أما المقوقس حاكم مصر من قبل الرومان. فقد جاءه كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي يدعوه فيه إلى الإِسلام. وهو في الإِسكندرية. وكان حامل كتاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - إليه حاطب بن أبي بلتعة، فاستقبل المقوقس مبعوث النبي - صلى الله عليه وسلم - استقبالا حسنا للغاية. فأكرمه. وقبل كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وروى البيهقي، أن الملك المقوقس عقد اجتماعًا دعا إليه البطارقة على أثر تلقيه دعوة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وحضر هذا الاجتماع مبعوث النبي - صلى الله عليه وسلم - حاطب بن أبي بلتعة. وفي هذا الاجتماع سأل المقوقس حاطبا: (أخبرني عن صاحبك أليس هو نبي؟ قال حاطب: بل هو رسول الله. قال: فما له حيث كان هكذا لم يَدْعُ على قومه حيث أخرجوه من بلده إلى غيرها.

قال حاطب: فقلت: عيسى بن مريم أليس تشهد أنه رسول الله؟ قال: بلى. قلت: فما له حين أخذه قومه فأرادوا أن يصلبوه ألا يكون دعا عليهم بأن يهلكهم الله حيث رفعه الله إلى السماء الدنيا؟ فقال لي: أنت حكيم قد جاء من عند حكيم. هذه هدايا أبعث بها معك إلى محمد وأرسل معك ببذرقة يبذرقونك إلى مأمنك (١)).


= ويقول: إني قد قرأت في الإِنجيل فأجد صفة هذا النبي - صلى الله عليه وسلم - بعينه، فأنا أؤمن به وأصدقه، وأخاف من الحارث أن يقتلنى.
قال شجاع: وكان يكرمنى ويحسن ضيافتى، وخرح الحارث يومًا فجلس ووضع التاج على رأسه، فأذن لي عليه، فدفعت إليه كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقرأه ثم رمى به وقال: من ينتزع منى ملكى؟ أنا سائر إليه ولو كان باليمن جئته، على بالناس، فلم يزل يفرض حتى قام، وأمر بالخيول تنعل، ثم قال لشجاع: أخبر صاحبك ما ترى، كتب (الحارث) إلى قيصر يخبره خبرى وما عزم عليه (أي من القيام بغزو الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فكتب إليه قيصر .. ألا تسير إليه واله عنه. ووافق بإيلياء.
قال شجاع: فلما تلقى الحارث جواب قيصر دعانى فقال: متى تريد أن تخرج إلى صاحبك؟ فقلت: غدًا، فأمر لي بمائة مثقال ذهب .. ووصلنى مرى - يعني الجاجب الروماني - وأمر لي بنفقة وكسوة، وقال: أقرئ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منى السلام، فقدمت على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأخبرته فقال: باد ملكه، وأقرأته من مرى السلام وأخبرته بما قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صدق. قال ابن سعد: ومات (الملك الحارث) عام الفتح سنة ثمان من الهجرة. اهـ.
(١) البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>