للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزباء". غير أن القيصر "كلوديوس" ظل عاجزًا أمام قوة الزباء ولم يستطع استعادة شبر من ممتلكات روما التي وقعت فيما وراء البحار في يد الملكة الزباء. بل لقد اضطر القيصر "كلوديوس" إلى مهادنة تلك الملكة الداهية الشجاعة الطموح. خوفًا من أن تزحف بجيوشها على روما نفسها، لأنَّ جحافل التدمريين العرب كانت قد بلغت شواطئ البوسفور والبحر الأسود على مداخل أوربا الشرقية، وقد بلغوا ذروة نشوة انتصارهم. وكما هي سنة الله في خلقه "على الله أن لا يرفع شيئًا إلا وضعه" فإن الملكة الزباء لم تستمر في قمة مجدها الذي بلغته، فقد شاء الله أن يأخذ هذا المجد الذي بنته بسرعة خارقة مذهلة في الانحسار بنفس السرعة حتى ضرب قيصر روما "أورليانوس" الحصار على تدمر عاصمة إمبراطورية الزباء "وبعد حصار دام ثلاث سنوات، وبعد بطولات خارقة أبدتها المملكة الشابة وجيشها الوفى، في معارك طاحنة خاضتها الملكة بنفسها حول أسوار القسطنطينية وفي أنقرة وخلقدونية وإنطاكية وحمص"، استسلمت العاصمة (تدمر) لجيوش القيصر (أورليانوس) ووقعت الإِمبراطورة الزباء وكل أسرة آل أذينة في الأسر وذلك عام ٢٧٣ للميلاد (١).

وعاشت الإِمبراطورة (الزباء) في إيطاليا وأبناؤها بقية حياتهم حتى طواهم العدم، وبذلك انطوى بساط أعز، وأقوى، وأرقى مملكة عربية في الشام قبل الإِسلام (٢).

[قضاعة في الشام]

وهناك جيل من العرب كان لهم وجود في الشام قبل الإِسلام، وهم عرب (قضاعة) من نسل حمير من القحطانيين.

ويظهر أنهم كانوا موجودين في الشام قبل الميلاد، إلا أن أحدًا من المؤرخين لم يحدد تاريخ تواجدهم في الشام، وتاريخ نزوحهم إليها من جنوب الجزيرة العربية (موطنهم الأصلي).


(١) انظر تاريخ العرب قبل الإِسلام للدكتور جواد علي (موطن الحديث عن سقوط تدمر).
(٢) انظر أوسع التفاصيل عن التاريخ السياسي والعسكري والثقافى والعمرانى لمملكة الزباء في كتابنا (العرب في الشام قبل الإِسلام).

<<  <  ج: ص:  >  >>