أَما المرأة التي أَسرها المغيرون من غطفان وهي زوجة ابن أَبي ذر الذي قتله المشركون أثناء الغارة في الغابة، فقد عادت إلى المدينة سالمة بعد أَن تمكنت من الإفلات من القوم على ظهر ناقة تابعة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
قال ابن برهان الدين: وانفلتت المرأة من الوثاق ليلا فأَتت الإِبل فجعلت إذا دنت من البعير، رغا فتركته حتى انتهت إلى العضباء فلم ترغ فقعدت على عجزها ثم زجرتها، وعلموا بها فطلبوها، فأَعجزتهم ونذرت إن نجاها الله عزَّ وجلَّ لتنحرنَّها فلما أَخبرت النبي - صلى الله عليه وسلم - خبر هذا النذر تبسم وقال: بئسما جزيتيها أي أنها حملتك ونجت بك من الأَعداء فيكون جزاؤها النحر، ثم قال لها - صلى الله عليه وسلم -: لا نذر في معصية الله ولا فيما لا تملكين.
وهذه الغزوة تعتبر من أَكبر الغزوات التأْديبية التي يقودها النبي - صلى الله عليه وسلم - بنفسه ضد أعراب نجد بعد غزوة الأَحزاب وبني قريظة وقبل غزوة خيبر.
-٥ -
[حملة ذي القصة .. شهر ربيع الآخر سنة خمس من الهجرة]
ذو القصة (بفتح القاف وتشديد الصاد) منزل من منازل بني ثعلبة من غطفان أعداءُ الرسول - صلى الله عليه وسلم - الأَلداء. وتبعد عن المدينة أربعة وعشرون ميلا.
بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ذي القصة بدورية استكشاف قوامها عشرة نفر بقيادة الفارس المشهور محمد بن مسلمة الأَنصاري.