للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بواحد وارتدى بالآخر، ثم أقبل إلى المدينة وكان بورقان - جبل من حمى المدينة - فاضطجع في المسجد في السحر، ثم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتصفح الناس إذا انصرف من الصبح، فنظر إليه فأنكره، فقال: من أنت؟ فانتسب له، فقال: أنت عبد الله ذو البجادين، ثم قال: أنزل منى قريبًا. فكان يكون في أضيافه ويعلّمه القرآن، حتى قرأ قرآنًا كثيرًا والناس يتجهزون إلى تبوك، وكان رجلًا صيّتًا، فكان يقوم في المسجد فيرفع صوته بالقراءة فقال عمر: يا رسول الله ألا تسمع هذا الأعرابى قد منع الناس القراءة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دعه يا عمر فإنه خرج مهاجرًا إلى الله ورسوله.

وأثناء التحرك إلى تبوك، قالوا: أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسيره هو مردف سهيل بن بيضاء (١) خلفه، فقال سهيل: ورفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صوته فقال: يا سهيل، كل ذلك يقول سهيل: يا لبّيك، ثلاث مرات، حتى عرف الناس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريدهم، فانثنى عليه من أمامه، ولحقه من خلفه من الناس، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يشهد أن لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، حرَمه الله على النار (٢).

[قصة الجني الذي تمثل في شكل حية]

وأخرج أبو نعيم في الحلية عن الواقدي فقال: كان الناس بغزوة تبوك فعارضهم في مسيرهم حية عظيمة الخلق فانصاع (٣) الناس عنها فأقبلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على راحلته طويلًا والناس ينظرون إليها، ثم التوت حتى اعتزلت الطريق فقامت قائمة فأقبل الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تدرون من هذا؟ قالوا الله ورسوله أعلم،


(١) هو سهيل بن بيضاء "وهي أمه" واسم أبيه وهب بن ربيعة بن عمرو بن عامر الفهرى القرشي، هاجر إلى الحبشة ورجع منها، ثم هاجر إلى المدينة فجمع الهجرتين، فهو من السابقين الأولين الأفاضل. قال ابن الأثير: شهد بدرًا وغيرها، ومات بالمدينة في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - سنة تسع هـ، وصلى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(٢) مغازي الواقدي ج ٣ ص ١٠١٥.
(٣) أي مالوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>