للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لجيشه قادة وجنودا في هذا الخطاب "أوصيكم بتقوى الله وبمن معكم من المسلمين خيرا. اغزوا بسم الله في سبيل الله فقاتلوا من كفر بالله لا تغلوا ولا تغدروا. ولا تقتلوا وليدا".

ثم وجه كلامه إلى القائد العام والمسئول الأول في الجيش قائلا: وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث. فأيتهن ما أجابوك إليها فاقبل منهم واكفف عنهم. ادعهم إلى الدخول في الإسلام. فإن فعلوا فاقبل منهم واكفف عنهم. ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين فإن فعلوا فأخبرهم أن لهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين. وإن دخلوا في الإسلام واختاروا دارهم فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين. يجرى عليهم حكم الله. ولا يكون لهم في الفئ ولا في القسمة شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين. فإن أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية. فإن فعلوا فاقبل منهم. واكفف عنهم فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم. وستجدون رجالا في الصوامع معتزلين للناس فلا تتعرضوا لهم. وستجدون آخرين للشيطان في رؤوسهم مفاحص (١) فاقلعوها بالسيوف. ولا تقتلن امرأة ولا صغيرًا مرضعا ولا كبيرا فانيا. لا تغرقن نخلا ولا تقطعن شجرا ولا تهدموا بيتا (٢).

[وقفة عند دستور الحرب الرائع]

فيا لروعة الإيجاز مع الشمول الكامل .. توصيات في الآداب الحربية .. ودروس في الشرف العسكري. وأسس راسخة في العاملة الإنسانية والرأفة بغير المحاربين من النساء والشيوخ والأطفال .. وتربيات عالية شريفة ما سمعت ولا وعت أمة مثلها منذ فجر التاريخ حتى اليوم من غير سيد البشر محمد - صلى الله عليه وسلم -.


(١) قال في نهاية غريب الحديث: المفحص مفعل من الفحص، ومفحص القطاة موضعها الذي تجثم فيه وتبيض، أي أن الشيطان قد استوطن رؤوسهم فجعلها له مفاحص، كما تستوطن القطاة مفاحصها.
(٢) مغازي الواقدي ج ٢ ص ٧٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>