وكان عتبة بن ربيعة من خيار القوم وذوي العقل الراجح، وكان مشهورًا ببعد النظر وأَصالة ألفكر وحسن السياسة وشدة الصراحة.
ولذلك فإنه لما جلس إلى زعماء مكة وقالوا (مستفسرين عن نتائج محادثاته مع الرسول - صلى الله عليه وسلم -): ما وراءك يا أبا الوليد؟ ؟ قال:
ورائى أني سمعت قولا والله ما سمعت مثله قط، والله ما هو بالشعر ولا هو بالسحر، ولا بالكهانة، ثم قال ناصحًا قومه ... يا معشر قريش اطيعوني واجعلوها بي، وخلوا بين هذا الرجل (يعني محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، وبين ما هو فيه، فاعتزلوه، فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت منه نبأ عظيم، فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم وإن يظهر على العرب فملكهـ ملككم، وعزه عزكم، وكنتم أسعد الناس به، قالوا .. سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه، قال: هذا رأيى فاصنعوا ما بدا لكم.
وبدلا من أَن تستجيب قريش لنصيحة عتبة بن ربيعة اتهمته بأنه قد وقع تحت تأثير سحر محمد - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا له .. سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه .. فقال لهم عتبة (بلسان الواثق بما يقول) .. هذا رأيي فاصنعوا ما بدا لكم.
[سياسة العزل الاجتماعي والمقاطعة الاقتصادية]
ولما فشلت قريش في حمل النبي - صلى الله عليه وسلم - على التخلي عن دعوته، ابن ربيعة في ذلك، كما فشلت من قبل في إقناع أَبي طالب وبني هاشم وبني المطلب بالتخلى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لجأت إلى تنفيذ مخطط الحرب الاقتصادية والاجتماعية ضد هاتين القبيلتين (بني هاشم وبني المطلب)، ففرضت عليهما حصارًا اقتصاديًا خانقًا وعزلًا اجتماعيًا قاسيًا.