يمكننا تلخيص الأسباب الرئيسية التي حالت دون تحقيق ذلك النصر وأدت إلى ذلك الفشل الذريع، كما يلي:
السبب الأول ... حفر الخندق:
فقد كان نجاح قيادة المدينة في حفر هذا الخندق كخط أول للدفاع عن المدينة" مكيدة عسكرية فوجئت بها قيادة الأحزاب، بل وصعقت لها، لأن نجاح المسلمين في حفر الخندق قبل وصول جيوش الأحزاب نسف خطتهم (المرسومة لاحتلال المدينة) من الأساس.
لقد كانت قيادة الأحزاب (عندما وضعت نصب عينيها احتلال المدينة كهدف أساسى للغزو) تعتمد - لتحقيق هذا الهدف - على تلك الحشود الكبيرة التي جمعتها والتي بلغت (إزاءها) نسبة قوة المسلمين واحدًا لعشرة، وكانت تقصد من وراء هذا العدد الغامر إلى التغلب على الشجاعة الفائقة التي تميز بها المسلمون، وذلك عن طريق الالتحام معهم في معركة فاصلة، التي مهما كانت شجاعة المسلمين فيها فإن عامل التفوق العددى إلى الدرجة التي وصلت إليها جيوش الأحزاب يكون له أثره الذي لا يستهان به في كسب المعركة، وقديمًا قالوا: الكثرة تغلب الشجاعة ولكن قيام المسلمين بحفر الخندق نسف خطة الأحزاب وقلبها رأسًا على عقب، إذ حال هذا الخندق بين جيوش الأحزاب الهائجة المتدفقة وبين الالتحام مع عسكر الإسلام في معركة فاصلة كما تريد قيادة الأحزاب وكما هي الخطة المرسومة للمعركة.