للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنهم عرفوا (عن تجربة) ضراوة المسلمين في القتال، وأن النقص العددي الذي يصاحب المسلمين (عادة) في جميع معاركهم، تحل محله (دائمًا) القوة المعنوية العارمة، والتنظيم الدقيق واتحاد الكلمة الذي منشؤه وحدة العقيدة الصادقة التي يمتاز بها المسلمون، الذين يرتبطون بقائد محنك فذ لا يقول إلّا حقًّا ولا ينطق إلا بصواب.

ولهذا قامت قريش (قبيل المعركة بقليل) بمناورتين سياسيتين خبيثتين، قصدت بهما إحداث الفرقة بين المسلمين وإشاعة النزاع داخل صفوفهم.

فقد أرسل أبو سفيان إلى الأنصار خاصة طالبًا منهم التخلى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبلغهم بأنه لم يأْت لقتالهم، وإنما جاء (فقط) لقتال قومه من قريش قائلًا:

"يا معشر الأنصار، خَلّوا بيننا وبين ابن عمنا (يعني النبي - صلى الله عليه وسلم -، فننصرف عنكم، فلا حاجة لنا إلى قتالكم" ولكن الأَنصار رضي الله عنهم ردوا عليه ردًّا عنيفًا، ورفضوا عرضه، بعد أَن أَسمعوه ما يكره.

[أبو عامر الراهب الخائن]

ولما فشل أبو سفيان في محاولته هذه لجأَت قريش إلى محاولة أُخرى، قام بها هذه المرة عميل خائن من أَهل المدينة، وهو أبو عامر الراهب (عبد عمرو بن صيفي الأوسي) (١).


(١) كان أبو عامر هذا زعيمًا لقومه الأوس في الجاهلية، وكان شريفًا بينهم فلما جاء الإسلام شرق به وفاض قلبه حقدًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فترك المدينة حانقًا على الرسول، وغادرها إلى مكة، ومعه خمسون من خونة الأوس ذهبوا جميعًا =

<<  <  ج: ص:  >  >>