للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أبيه المشرك، فسلَّمه على ما في ذلك من إيلام للنفوس المؤمنة، لأن الوفاءَ بالعهد - عند من هو في منزلة رسول الله - أسمى من العواطف.

[النبي يعتذر لأبي جندل]

وقد اعتذر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - للشاب المسلم أبي جندل بأَنه لا يمكنه القيام بأَيِّ عمل يحول بين أبيه وبين اعتقاله، لأن ذلك لو فعله، يعتبر نقضًا للعهد الذي أَعطاه لقريش، وغدرًا لا يرضى أبو جندل نفسه أن يقدم عليه أحد من المسلمين العاديين فضلًا عن سيدهم وقائدهم فإن الله جاعل لك ولمن معك (أي من المستضعفين) فرجًا ومخرجًا، إنَّا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحًا وأعطيناهم وأعطونا على ذلك عهدًا، وإنَّا لا نغدر (١) ".

[أبو جندل يستسلم ويطيع أمر الرسول]

وقد اقتنع أبو جندل كل الاقتناع بما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - فأطاع أَمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - فاستسلم لأَبيه المشرك وكله ثقة واطمئنان بأن الله سيجعل له ولإخوته المستضعفين من الشباب المسلم في مكة مخرجًا، لأن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بشرّه بذلك، والمؤمن الثابت لا يمكن أن يكون لديه أدنى ريب في صدق ما يقوله الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولذلك عاد أبو جندل يرسف في قيوده إلى سجنه الرهيب بمكة وهو قرير العين هادئ البال للبشرى التي


(١) سيرة ابن هشام ج ٢ ص ٣١٨، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٤٦، ومغازي الواقدي ج ٢ ص ٦٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>