كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أصدر عفوًا عامًا عن جميع سكان مكة من المشركين يوم الفتح ما عدا نفرًا قليلًا أمر بقتلهم ولكنه عفى فيما بعد عن أكثرهم.
وقد امتثل جميع أفراد الجيش النبوي الأمر فامتنعوا عن قتل أيّ مشرك في مكة أثناء سيطرتهم عليها إلا من قاتلهم، كما حدث للوحدات من الفرسان التي كان يقودها خالد بن الوليد جنوبي مكة (المسفلة). إلا أن بعضا من جنود الجيش النبوي (ومن خزاعة حلفاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - خرجوا على الانضباط العسكري فقتلوا (بدافع ثأرى) رجلًا من هذيل بمكة مشركًا بعد أن أمن الرسول - صلى الله عليه وسلم - الناس. الأمر الذي أغضب الرسول والقائد الأعلى للجيش. فجمع الجيش وخطبهم مستنكرًا قتل الهذلى الشرك. ثم دفع ديته لأهله.
وكان سبب القتل يرجع إلى ثارات بين قبيلة أسلم وقبيلة هذيل: فقد خرج غزاة من هذيل في الجاهلية وفيهم جنيدب يريدون حي أحمر بأسًا. وكان أحمر بأسا رجلًا من أسلم شجاعًا لا يرام. وكان لا ينام في حيه، إنما ينام خارجًا من حاضره، وكان إذا نام غطّ غطيطًا منكرًا، لا يخفى مكانه. وكان الحاضر إذا أتاهم فزع صرخوا (بأحمر بأسا) فيثب مثل الأسد. فلما جاءهم أولئك الغزاة من هذيل. قال لهم جنيدب بن الأدلع: إن كان أحمر بأسا في الحاضر فليس إليهم سبيل، وإن كان له غطيط لا يخفى فدعونى أتسمع فتسمع الحس فسمعه، فأمه حتى وجده نائمًا فقتله، حيث وضع السيف في صدره ثم اتكأ عليه فقتله، ثم حملوا على الحيّ، فصاح الحيّ .. يا أحمر بأسا .. فلا شيء، لا أحمر بأسا. قد قتل. فنالوا من الحاضر حاجتهم، ثم انصرفوا، فتشاغل الناس بالإسلام، فلما كان بعد الفتح بيوم دخل جنيدب بن الأدلع مكة يرتاد وينظر - والناس آمنون - فرآه جندب بن الأعجم الأسلمي (من قبيلة أحمر بأسا) فقال .. جندب بن الأدلع، قاتل أحمر بأسا.؟ فقال جنيدب. نعم.
فخرج جندب يستجيش عليه، وكان أول من لقى خراش بن أمية