للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجملة التي نمت عن حرصه الشديد على سلامة قومه في مكة - وهو يسعى سعيا حثيثًا، وعلى كل المستويات وبكل الأساليب الممكنة، لإِيجاد مخرج لقومه بمكة عن طريقة ينجون مما يخشاه العباس عليهم من اقتحام الجيش النبوى مكة عنوة.

ومن أساليبه في السعي لتحقيق هذا الهدف ومحاولاته المتكررة لإِقناع أبي سفيان بالدخول في الإِسلام "أولًا" ليكون ذلك باعث تشجيع للعناصر الطيبة في مكة (وهي غير قليلة) على المسارعة إلى الدخول في الإِسلام وإقناع الآخرين من المتطرفين بالكف عن المقاومة.

[التوتر في مكة يزداد]

ظل كفار مكة في تلك الساعات الحرجة عرضة لوجات طاغية متزايدة من القلق والخوف نتيجة شعورهم الباطنى بأنهم (وحسب مقاييسهم) بأنهم سيكونون عرضة لعقاب صارم دام رهيب على يد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وجيشه (الذي لا يشكون في انتصاره عليهم وسيطرته على مكة) لما اقترفته أيديهم من إجرام في حق الرسول - صلى الله عليه وسلم - والقلة من أصحابه خلال ثلاث عشرة سنة قضاها بينهم وهو يتجرع وأصحابه على يد قريش كؤوس الأسى والألم. دونما إقامة اعتبار لحق القرابة والمواطنة.

كان القرشيون في مكة (وهم يتخيلون حجم العقاب الذي سينزله المسلمون بهم) يظنون أن محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - من نوع الفاتحين القساة الذين أول ما يفكرون في عمله "عندما ينتصرون" هو الانتقام الفظيع الدامى الرهيب لأنفسهم من خصومهم الذين كانوا قد نالوا منهم أو سببوا لهم بعض المتاعب في الماضي.

وما دروا أن محمد بن عبد الله هو نبي رحمة ورسول محبة بعثه الله رحمة للعالمين، لا يحقد ولا يبغض بدافع من حب الانتقام والانتصار للنفس.

وإنما يسعى لإِنقاذ البشرية، وهداية الضالين وإنقاذ المنحرفين، حتى وإن كانوا من الذين آذوه، وراموا قتله واتبّعوا كل السبل للتنكيل به وإرهابه لحمله على التخلى عن أمانة الرسالة العظمى.

<<  <  ج: ص:  >  >>