وبهذا استقرت الأحوال الداخلية في المدينة (نوعًا ما) وانطوى اليهود على أنفسهم ولم يحركوا ساكنًا لقتل طاغيتهم (كعب بن الأشرف) بل لزموا الهدوء، وتظاهروا بأنهم عند عهدهم.
وهنا تفرغ النبي لمواجهة الأحداث الخطيرة التي توقع حدوثها خارج المدينة، من جانب الأعراب والمشركين وخاصة قريشًا الذين تأكد للمسلمين أنهم سيقومون بحرب واسعة النطاق ضدهم انتقامًا لما أصاب قريشًا في بدر.
وفعلًا حدثت هذه الحرب المنتظرة، فغزت قريش الباغية. محمدا - صلى الله عليه وسلم - في عقر داره. بجيش بلغ ثلاثة آلاف مقاتل، واشتبك الشرك مع التوحيد في معركة طاحنة، دارت في ضواحي المدينة، وهي معركة أحد التي نحن بصددها.
[النشاط العسكري قبل موقعة أحد]
وفيما بين معركة بدر وموقعة أُحد، حدثت مناوشات عسكرية بين المسلمين من جهة وبين قريش وبعض اليهود ومشركى العرب من جهة أُخرى.
ولم يكن القرشيون والأعراب واليهود في هذه المناوشات جبهة واحدة، وإنما كانت مناوشات متفرقة أكثرها يأتي من ناحية المسلمين، الذين كانوا أبسط الفريقين وأسرعهم لمباغتة هؤلاء الأعداء وضربهم في أماكنهم قبل أن يتحركوا للعدوان.
والنشاط العسكري الذي حدث قبل معركة أُحد هو أشبه بدوريات عسكرية قام بها المسلمون، أي أنه لم تدر في تلك الفترة ما يمكن تسميته بمعارك التحم فيها الفريقان.