في روع سراقة أَنه لن يقدر على النبي - صلى الله عليه وسلم - بأَى حال من الأَحوال، فعدل عن خطته.
ولنترك هذا الفارس القرشي المطارد يحكى لنا قصته العجيبة، فقد روى عنه ابن إسحاق أن فرسه قد كبابه (قبل الكبوة العنيفة الأخيرة) مرتين ولكنه واصل المطاردة ولم يتوقف عنها إلا بعد الكبوة الثالثة العنيفة التي تدحرج لها من على ظهر فرسه.
قال سراقة (يصف تلك اللحظة الحاسمة): فركبت في أثره (أي النبي - صلى الله عليه وسلم -) فلما بدا لي القوم ورأيتهم عثر بي فرسي، وسقطت عنه، ثم انتزع يديه من الأرض، وتبعها دخان كالإعصار، قال فعرفت حيث رأيت ذلك أنه قد منع مني، وأنه ظاهر (أي منتصر)، قال: فناديت القوم، فقلت .. أنا سراقة بن جعشم، أنظرونى أكلمكم، فوالله لا أَريبكم، ولا يأْتيكم مني شيء تكرهونه، قال .. فقال .. رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر .. قل له .. وما يبتغى منا؟ قال .. فقال ذلك أبو بكر، قال سراقة ... قلت تكتب لي كتابًا يكون آية بيني وبينك قال .. اُكتب له يا أبا بكر.
قال سراقة: فكتب لي كتابًا في عظم، أو في رقعة، أو في خزفة، ثم أَلقاه إليّ، فجعلته في كنانتي، ثم رجعت، فسكت فلم أذكر شيئًا مما كان".
[كيف دخل الرسول المدينة]
وهكذا اجتاز الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه منطقة الخطر نهائيًا، إذ لم يتعرضا (بعد حادثة سراقة) لأَية مراقبة أو مطاردة.