فقد ذكر المقريزى في كتابه (إمتاع الأسماع) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يتحرك بجيشه من المدينة صوب مكة، قدم جريدة من الخيل طليعة، فألقت هذه الطليعة القبض على رجل من هوازن، كان يعمل في جهاز استخبارات مالك بن عوف سيد هوازن وقائدها، ليمد هذا الجهاز بما يحتاج من أخبار عن المسلمين، وتحركات جيشهم الذي كانت هوازن تتوقعه بعد نقض قريش صلح الحديبية.
فعندما مَثَلَ هذا الجاسوس الهوازنى بين يدي القائد الأعلى النبي، سأله (أثناء استجوابه) عن حقيقة الوضع العسكري الذي عليه قبائل هوازن فقال:
قد جمعوا الجموع وأجلبوا العرب، وبعثوا إلى ثقيف فأجابتهم، فتركت ثقيفًا قد جمعوا الجموع وأجلبوا العرب وبعثوا إلى جرش في عمل الدبابات والمنجنيق، وهم سائرون إلى هوازن، فيكونون جميعًا .. فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: وكل هوازن قد أجاب؟ . قال الجاسوس: كلا، أبطأ من بني عامر، كعب وكلاب.
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - (معقبًا على ما أدلى به جاسوس هوازن من معلومات): ما أراه إلا صدقنى، ثم أمر بحبسه حبسًا تحفظيًا (١).
[استخبارات الرسول في ديار هوازن]
وهكذا فالرسول القائد - صلى الله عليه وسلم - قد كان علي علم بما يجرى في ديار هوازن، فلم يكن (بعد استيلائه على مكة) غافلًا عما يجرى هناك.
فقد كان (كما هو واضح) على علم بالعداوة الشديدة التي تضمرها له قبائل هوازن، والنية المبيتة التي تحمل في نفوس هذه القبائل العزم على غزو المسلمين أينما كانوا.
فقد أبلغت الرسول - صلى الله عليه وسلم - عيونه (استخباراته) التي بثها بين يديه- وهو يتحرك بالجيش نحو مكة قبل فتحها- أبلغته أن هناك تحشدات واسعة تقوم بها الأحلاف من هوازن .. القصد منها مواجهة المسلمين في معركة فاصلة.