وتدل لهجة المؤرخين في أمهات التاريخ على أن النية كانت مبيتة لدى هوازن لمواجهة المسلمين وغزوهم في أي مكان، وأنهم كانوا يعدون العدة لذلك حتى قبل أن تتم السيطرة للمسلمين على مكة، كما أنهم كانوا في استعدادهم قد ذهبوا إلى أن يدخلوا في حسابهم أسوأ الظروف، فحسبوا (وهم يضعون خطة الحرب ضد المسلمين أينما كانوا) حساب احتمال نزول الهزيمة بهم وهم يشنون الهجوم على المسلمين في أي مكان.
فوضعوا (انطلاقًا من هذا الحسبان) خطة الدفاع -بعد وضعهم الهجوم-، وخطة الدفاع هذه تتلخص في الاستعداد للتحصن في المدن (كالطائف مثلًا) إذا ما كانت الهزيمة نصيبهم من هجومهم على المسلمين.
واستكمالًا لخطة الدفاع هذه (وهي خطة احتياطية) أرسلوا من ثقيف (بطن من هوازن) بعثة أبي مدينة جرش في الأُردن التي كانت جزءًا من الشام الخاضع يوم ذاك لسلطان الإِمبراطورية الرومانية المعادية للإسلام والمسلمين.
وكانت مهمة هذه البعثة التي كان يرأسها (عروة بن مسعود (١) الحصول على آلات حرب ثقيلة تصلح للحروب التي يكون فيها حصار، بحيث تُستخدم في الدفاع عن القلاع والحصون، وفي شن الهجمات المضادة على جيش العدو الذي يتولى الحصار.
وكانت جرش (الرومانية آن ذاك) بها مصانع للمنجنيقات والعرادات (راجمات) والدبابات (آلات واقية يتستر خلفها الجنود عند الزحف في بعض الحالات لتقيهم السهام)، ولذلك قررت هوازن ضمن خطتها الحربية أن ترسل هذه البعثة للحصول من المصانع الرومانية في (جرش) على هذه الأسلحة الحربية الثقيلة.
وكانت هذه الخطة التي تدل على تبييت النية على غزو المسلمين من قبل هوازن قبل وصولهم مكة بل وحتى قبل تحركهم من المدينة .. كانت هذه الخطة قد كشفها جاسوس من هوازن ألقت عليه القبض جريدة من الخيل التابعة لسلاح الاستكشاف في الجيش النبوي الذي كان يتحرك من المدينة نحو مكة.
(١) انظر ترجمة ابن مسعود في كتابنا (صلح الحديبية).