لكم حتى آتيكم بالخبر، وإن أحببتم سرنا جميعًا. قالوا: بل نقدمك فقدموه، فغاب عنهم ساعة ثم كر عليهم فقال: هذا أوائل سرحهم، فهل لكم أن تغيروا عليهم؟
فاختلف أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال بعضهم: إن أغرنا الآن حذرنا الرجال والعطن. وقال آخرون نغنم ماظهر لنا، ثم نطلب القوم، فشجعوا على النعم، فأصابوا نعمًا كثيرًا ملأوا منه أيديهم، وتفرق الرعاء وخرجوا سراعًا، ثم حذروا الجمع. فتفرق الجمع وحذروا، ولحقوا بعلياء بلادهم، فخرج بشير بأصحابه حتى أتي محالهم، فيجدها وليس بها أحد، فرجع بالنعم حتى إذا كانوا بسلاج راجعون لقوا عينا (جاسوسًا) لعيينة فقتلوه، ثم لقوا جمع عيينة، وعيينة لا يشعر بهم فناوشوهم، ثم انكشف جمع عيينة وتبعه أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فأصابوا منهم رجلًا أو رجلين فأسروهما أسرًا، فقدموا بهما على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسلما فأرسلهما النبي - صلى الله عليه وسلم -.
[سيد بني مرة ينصح عيينة بن حصن ليسلم]
وكان الحارث بن عوف المرّى سيدًا ذا عقل راجح ونظر بعيد. وكان لذلك هو الزعيم النجدى الوحيد الذي رفض مساندة اليهود عسكريًا في صراعهم الدامى مع محمد - صلى الله عليه وسلم - بخيبر. ونصح عيينة بن حصن أن يلتزم جانب الحياد فلا يساند اليهود. لأنهم مغلوبون لا محالة. ولكن عيينة لم يعمل بنصيحة الحارث. فنال نصيبه من خزى هزيمة اليهود الساحقة في معركة خيبر الفاصلة التي ساهم فيها إلى جانب اليهود بخمسة آلاف مقاتل من قومه ومن أطاعه من قبائل غطفان التي كانت دائما حليف اليهود المفضل ضد النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وعندما حزب عيينة بن حصن قبائل غطفان ضد النبي - صلى الله عليه وسلم -. والتي تشكل بنو مرة أحد أجنحتها الهامة. عندما حزب عيينة هذه القبائل وأخذ في تجميعها في وادي الجناب لغزو المدينة. اعتزله سسيد بني مرة الحارث بن عوف فلم يشترك أحد من بني مرة في ذلك التجمع الغطفاني الفاشل.
غير أن الحارث بن عوف. لقى عيينة بن حصن وهو منهزمًا. فذكره بما كان قد نصحه به في الماضي. فقد قال الواقدي: (وكان الحارث بن عوف المرى حليفا لعيينة ولقيه منهزمًا على فرس له عتيق يعدو به عدوًا سريعًا