وهكذا فقد كان اتخاذ الرسول القائد المحنك، الشعب من أُحُد معسكرًا لجيشه من العوامل المهمة في تخليص الجيش الإسلامي (ساعة الانتكاسة) من خطر الإبادة أو التشتيت، لأن ذلك مكنةً من الاعتصام بهضاب الجبل، الذي الاعتصام به أعطى المسلمين فرصة طيبة مكنتهم من جمع شتاتهم وإحباط كل محاولات القرشيين اليائسة للنيل منهم.
[فائدة بقاء الرسول في مقر الرئاسة]
كذلك كان لبقاء الرسول في مقر قيادة الجيش من أُحُد، وعدم اشتراكه في مطاردة المشركين في الصفحة الأُولى من المعركة واحتلاله مرتفعًا يشرف منه على مكان المعركة.
كل ذلك كان له أكبر الأثر في تخفيف وطأة الهزيمة على المسلمين وسرعة تجمعهم حول نبيهم وإعادة تنظيمهم من جديد.
ذلك أن اهتداء الجنود إلى مكان قائدهم الأعلى (إذا ما حاقت بهم كارثة) يكون له أكبر الأثر في تقوية معنويتهم وإشاعة روح الأمل في نفوسهم.
وهذا هو الذي حدث تمامًا عندما انهزم المسلمون بأحُد، فقد كان النصر حليف المسلمين في أول المعركة، ولكن المسلمين عندما ركبوا المشركين وأخذوا في مطاردتهم، ظل الرسول (مع بعض هيئة أركان حربه) مرابطًا حول مقر قيادته في الشعب، يرقب سير المعركة الظافرة.
وعندما حدثت النكسة واضطربت صفوف المسلمين (بعد تطويق الكثير منهم) صاح الرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم - بأعلى صوته ليدل المضطربين على مكانه (هلموا إليّ أنا رسول الله).