للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشكلة الخطيرة التي كادت (بسبب تصلّف قريش وعنادها) أَن تتحول إلى حرب ضروس مدمِّرة، كلا الفريقين يخشى الإِقدام عليها.

فقد قال عروة القريش: ابعثوني حتى آتيكم بمصداقها من عنده (يعني الخطة التي عرضها النبي - صلى الله عليه وسلم - على قريش، وأَكون لكم عينًا عليه آتيكم بخبره (١).

[عروة بن مسعود في معسكر المسلمين]

فوافقت قريش على أَن يكون عروة مبعوثها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذهب عروة إلى الحديبية، وهناك استقباله النبي - صلى الله عليه وسلم - كوسيط يمكن أَن يكون في وساطته إِبعاد لشبح الحرب الذي أَصبح مطلًا بوضوح نتيجة بغي قريش وعنادها.

لقد كان سيد ثقيف يعلم يقينًا بأَن الحق في جانب النبي وأَصحابه وأَن الخطأَ كل الخطأَ في أَن تصر قريش على منعهم من دخول مكة لزيارة البيت وأَداء مناسك العمرة، ومع ذلك فإنه كوسيط سياسي لقوم هم حلفاؤه وأَصهاره، فإنه قد تجاهل هذه الحقيقة أَثناء محادثاته التي أَجراها مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديبية، بل حاول في هذه المحادثات إلقاء اللوم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وتحميله مسؤولية تصعيد الأَزمة التي بدت وكأَنها تتحول إلى حرب يتفانى فيها الفريقان، قاصدًا بذلك إقناع النبي - صلى الله عليه وسلم - بل تخويفه ليخرج عروة حلفاءه من ورطتهم، وذلك لن يكون إلا بأن يعود النبي - صلى الله عليه وسلم - وأَصحابه دون أَن يدخلوا مكة، ودونما


(١) سيرة ابن هشام ج ٢ ص ٣١٣ ومغازي الواقدي ج ٢ ص ٥٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>