نفس الإمبراطور (هرقل) متساويان، فهو يعلم حق العلم أن محمد بن عبد الله هو الرسول الذي بشر به عيسى. لذلك كان يحرص على أن يؤمن به ويتبعه، بل ويحرص على أن يؤمن به ويتبعه شعبه أيضًا. على أن يظل محتفظًا بعرش الإمبراطورية.
لذلك نراه (وكما دلت جميع المصادر التاريخية) يتظاهر - حرصًا على عرشه - بالإخلاص للنصرانية، مع أنه (في واقع الأمر) قد نفض يده فنها، منذ الجلسة الأولى التي اجتمع فيها بالقدس إلى أركان دولته وأبلغهم فحوى كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعاهم إلى الاستجابة إلى ما جاء فيه من دعوة الروم إلى الإِسلام.
هرقل يدعو قومه مرة أخرى وأخيرة إلى الإِسلام أو إعطاء الجزية.
ورغما عن المعارضة الشديدة التي لقيها من أركان دولته وقادة جيشه الذين حاولوا الإطاحة به بسبب موقفه من دعوة الإِسلام. فإنه لم ييئس وعاود الكرَّة مرة أخرى (عندما اعتزم مغادرة الشام في أخريات أيام الرسول - صلى الله عليه وسلم -) فدعا (وهو بحمص) أهل الحل والعقد من رجال الكهنوت وقادة الجيش والوزراء إلى اجتماع خاص.
في هذا الاجتماع، أخبرهم بأنه قد قرَّر العودة إلى عاصمة ملكه القسطنطينية، ولكن قبل عودته يجب أن يتحدّث إليهم حديثًا صريحًا، حول موضوع الإِسلام، وما يجب أن يفعلوه تلافيًا لما يهدد الإمبراطورية من أخطار الزوال، نتيجة ما يتوقع أن يحديث (ولابد) على أيدى حملة الدين الجديد (الإِسلام) من تغيّرات جذرية في مجرى التاريخ وتبديل كلى لخريطة العالم.
فقد عرض عليهم عروضًا ثلاثة، وطلب منهم قبول أحدها كوسيلة لدفع الخطر الذي يتهدد الإمبراطورية في المستقبل القريب على يد حاملى رسالة الإِسلام (وخاصة ممتلكات الإمبراطورية في سورية وفلسطين والأردن ولبنان) وآسيا الصغرى - تركيا الآسيوية اليوم.
فقد قال الإِمبراطور: يا معشر الروم إني عارض عليكم أمورًا فانظروا فيم قد أردتها.