وأَخذت حدّة التوتر تتزايد نتيجة تضايق المسلمين من طول الاحتباس في الحديبية، ونتيجة استمرار قريش في تمسكها بموقفها المتعنّت المتصلّف، رغم العروض السلمية العادلة المنصفة التي عرضها النبي - صلى الله عليه وسلم - على سادات مكة حقنًا للدماء والمتضمنة أَن توافق قريش على السماح للمسلمين بزيارة البيت على أَن يغادر هؤلاء مكة إلى المدينة بمجرد تحللهم من إحرامهم المتلبسين به منذ خروجهم من المدينة.
[المسلمون واقتحام مكة بالقوة]
لقد كان رأْي الصحابة أَن يقوموا باقتحام مكة وشقّ طريقهم إليها بحدّ السيف، ما دام أَن جميع المحاولات السلمية الصادقة ظلت تُبذَل من جانب النبي - صلى الله عليه وسلم - طيلة حوالي عشرين يومًا دون أَن تلقى من جانب القرشيين أَية استجابة أَو حتى تخفّف غطرستهم وشططهم.
وكان بإمكان المسلمين أَن يقتحموا مكة ويحتلوها بالرغم من الفارق الكبير بينهم وبين قريش في العدد، حيث أَن القوات القرشية وحلفاءها يفوقون عدد المسلمين عدة أَضعاف، ولكن التجارب في بدر وأُحد والخندق وكل المعارك التي خاضها المسلمون ضد أَعدائهم أَثبتت أَن النصر دائمًا ليس للكثرة الغامرة وإنَّما لمن يحمل العقيدة الصادقة.
غير أَن المسلمين مع رغبتهم العارمة في دخول مكة وقدرتهم على اقتحامها بالقوة لكسر طوق الحصار الذي فرضته قريش عليهم بدافع من كبرياءِ الوثنية والعنجهية الجاهلية ليس إلا، فإن هناك شيئًا واحدًا قد قيَّدهم تقييدًا كاملًا عن الإِقدام على ما يريدون، وهو رغبة النبي