للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى مؤتة. فقد روى ابن إسحاق عن زيد بن أرقم (١)، قال: كنت يتيما لعبد الله بن رواحة في حجره، فخرج في سفره ذلك مردفى على حقيبة رحله، فوالله إنه ليسير ليلتئذ سمعته يقول:

إذا أدنيتنى وحملت رحلى ... مسيرة أربع بعدَ الحساء

فشأنك أنعم وخلاك ذَم ... ولا أرجع إلى أهلى ورائى

وجاء المسلمون (٢) وغادَرونى ... بأرض الشام مستنهى الثواء (٣)

وردّك كلُّ ذي نسب قريب ... إلى الرحمن منقطع الإِخاء

هنالك لا أبالي طلعَ بَعْل ... ولا نخل أسافلها رواءِ (٤)

قال: فلما سمعتهن منه بكيتُ. قال فخفقنى (٥) بالدُّرة وقال: ما عليك يا لُكع (٦) أن يرزقنى الله شهادة وترجع بين شُعبْتَى الرحل (٧).

قال: قال عبد الله بن رواحة في بعض سفره ذلك وهو يرتجز.

يا زيد زيد اليعملات (٨) الذُّبِّل ... تطاول الليلُ هديت فأنزل (٩)

[كيف استبسل ابن رواحة بعد التردد]

ويصف ابن إسحاق مضاء عزيمة ابن رواحة بعد التردد الذي حدث له فيقول: إن عبد الله استمر في معاتبة نفسه وحضها على الاستشهاد فقال:


(١) انظر ترجمة زيد بن أرقم في كتابنا (غزوة أحد).
(٢) في مغازي الواقدي ج ٢ ص ٧٥٩ .. (وآب المسلمون) بهدلًا من (وجاء المسلمون) وهو الأقرب إلى الصواب.
(٣) قال في القاموس المحيط: ثوى بالمكان ثواء إذا أطال الإقامة به، أو نزل فيه.
(٤) البعل: هو الذي يشرب بعروقه من الأرض ورواء (بكسر الهمزة) صفة لنخل.
(٥) خفقه بالدرة ضربه بها ضربًا خفيفًا غير موجع.
(٦) لكع بضم أوله وفتح ثانيه، كلمة تقال المزجر.
(٧) قال أبو ذر: شعبتى الرحل، طرفاه القدم والمؤخر.
(٨) اليعملات: جمع يعملة؛ وهي الناقة السريعة، والذبل التي أضناها السير. فقل لحمها.
(٩) البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>