فلما انتهى عتبة بني ربيعة حديثه، قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أقد فرغت يا أبا الوليد؟ ؟ قال .. نعم قال - صلى الله عليه وسلم - فاسمع مني، قال: أَفعل، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، حم (١) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٢) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٣) بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} (١)، ثم مضى - صلى الله عليه وسلم - في تلاوة آيات هذه السورة. وعتبة يستمع إليه منصتًا وقد أَلقى يديه خلف ظهره معتمدًا عليهما، ولما وصل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى السجدة منها قطع التلاوة ثم سجد لله تعالى، وبعدها قال لزعيم قريش ومندوبها (عتبة بن ربيعة) .. قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت فأنت وذاك، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعني أن جواب قريش على عروضها واقتراحاتها التي حملها عتبة هو ما سمعه عتبة من الآيات القرآنية التي تلاها عليه من سورة السجدة.
ولقد دهہش عتبة لبلاغة وروعة ما سمع حتى لقد ارتج عليه فلم يرد على النبي - صلى الله عليه وسلم - بكلمة واحدة، بل بمجرد انتهاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - من تلاوة الآيات البينات على مسامع عتبة، انصرف هذا مأخوذًا إلى قومه، وقد تغيير رأيه في النبي - صلى الله عليه وسلم - وتبدل موقفه من دعوته تبدلًا جذريًا.
وقد عرف زعماءُ مكة هذا التغير والتبدل في وجه عتبة لما أقبل عليهم، فقال بعضهم (بعد أن رأَى عتبة قادمًا): نحلف بالله، لقد جاءَكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به.