للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما رجعوا هكذا سألهم أصحابهم لماذا لم ينظروا في الغار وقد وصلوا إلى مدخله؟ ؟ فكان جوابهم:

إن على بابه العنكبوت قبل أن يولد محمد، وقد رأَينا حمامتين وحشيتين بفم الغار، فعرفنا أن ليس به أحد.

فاقتنع قادة المطاردين بخلو الغار من النبي وصاحبه، فعادوا أدراجهم إلى مكة وقد ملوا من البحث ويئسوا من العثور على النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه.

وهنا تنفست الإنسانية المبهورة الصعداء من جديد، وكتب الله لها أن تسعد فترة من الزمن على يد الذي كان مختفيًا في الغار مع صاحبه والذي نجَّاه الله من شر أعدائه.

[أيام الغار الثلاث]

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - طيلة اختفائه وصاحبه في الغار لا يعلم بهما أحد سوى عبد الله بن أبي بكر (١) وعامر بن فهيرة مولى (٢) أَبى بكر رضي الله عنه.

وكان النبي (ضمن الخطة المرسومة للهجرة) قد كلّف عبد الله بن أبي بكر أَن يقوم بأعمال الاستخبارات، فيكون عينًا على قريش،


(١) هاجر عبد الله هذا بعد أبيه بعيال أبي بكر جميعًا، في صحبة طلحة بن عبيد الله، وكان عند الهجرة شابًّا صغيرًا، ولم يذكر المؤرخون أنه شهد شيئًا من المعارك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سوى فتح مكة وحنين وحصار الطائف، وقد أصيب بسهم فمات منه بعد مدة طويلة في خلافة أبيه، وبعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربعين يومًا.
(٢) كان عامر بن فهيرة من السابقين الأولين في الإسلام، وكان ممن نالهم التعذيب الشديد على أيدي زبانية قريش، وكان عامر مول للأزد فاشتراه أبو بكر من الطفيل بن عبد الله بن سخبرة ثم أعتقه، لم أطلع على تاريخ وفاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>