للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد اغتبط الأَنصار - وخاصة زعماءهم - بهذا التآخى الذي رأَوا فيه أَملهم المنشود يتحقق، وهو السلام والأَمن والاستقرار الذي حرمت منه يثرب مئات السنين، نتيجة الحروب الأَهلية المدمرة التي كانت تصطلى بنارها عشيرتا الأَوس والخزرج اللتين هما قبيلة واحدة (١).

كما أَن المهاجرين قد وجدوا (نتيجة هذا التآخي) في كنف إِخوانهم الأَنصار، من العون والمساعدة ما خفف عليهم من وطأَة الفقر الشديد الذي منوا به نتيجة هجرتهم من وطنهم الأَصلي مكة، وتركهم فيها كل أَموالهم التي صادرها مشركوقريش.

[يعرض عليه نصف ماله]

فقد قابل الأَنصار إخوانهم من المهاجرين بكل حفاوة وتكريم، وبذلوا لهم (وخاصة بعد المؤاخاة) من العون والمساعدة ما بلغ بها البعض من الأنصار إلى أن عرضوا على إخوانهم من المهاجرين أن يقتسموا وإياهم كل ما يملكون مناصفة.

ولكن المهاجرين - أمام هذا الكرم العظيم الذي فاضت به تلك الأنفس الزكية الطيبة - لم يسعهم إلا أَن يقدّروا هذا البذل والكرم حق قدره، فيقابلونه بكرم مثله، حيث لم يستغلوا كرم إخوانهم الأَنصار الفيَّاض ولم ينالوا منه إلا بقدر ما يقيم أَودهم، ويعينهم على الوصول إلى العمل الشريف من تجارة أَو زراعة أَو ما شابه هذا من الأَعمال الحرة التي يجنى منها النشط الصبور، الكسب الحلال.


(١) انظر ترجمة قبيلتي الأوس والخزرج في كتابنا (غزوة أحد).

<<  <  ج: ص:  >  >>