ويظهر أن السبب في ذلك هو قصر المسافة التي لا يخشى فيها المسلمون أية مباغتة من عدو أو كمين يُنَصب لهم، لأن كل المنطقة التي قطعوها إلى بني قريظة أراضٍ إسلامية صرفة.
[وقفة فقهية هامة]
قبل الدخول في تفاصيل غزوة بني قريظة وأحداثها ونتائجها يجدر بنا أن نقف وقفه فقهية، قد يستفيد القارئ منها.
لقد كان الأمر النبوي القاضي -عند الزحف علي بني قريظة- بأن لا يُصليَنَّ أحد العصر إلا في بني قريظة نصًّا تشريعيا اختلف حوله الباحثون من فقهاء الإسلام وأئمة الحديث.
وذلك أن الصحابة الذين صدر إليهم لأمر بأن لا يصلوا العصر إلا في بني قريظة، قد انقسموا في فهم هذا الأمر النبوى إلى قسمين.
وذلك أن صلاة العصر حانت وهم لما يزالوا في الطريق إلى بني قريظة، فناقشوا الموضوع على ضوء الأمر النبوي، فرأت طائفة من الصحابة أنه لا يمكن تأخير الصلاة عن وقتها وأنه (لذلك) لا بد من أدائها قبل الوصول إلى بني قريظة، وقد فسرت هذه الطائفة الأمر النبوي (بأن لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة) بأنه إنما يعني الحض بتعجيل السير إلى بني قريظة لا تأخير الصلاة عن وقتها.
وقد قامت هذه الطائفة بأداء صلاة العصر في وقتها أثناء الطريق وقبل الوصول إلى بني قريظة، استنادًا إلى تفسيرهم الذي ذكرنا.
أما الطائفة الأخرى من الصحابة فقد رأت أنه لا بد من تنفيذ الأمر النبوي (حرفيًّا) وأنه لذلك لا بد من أداء صلاة العصر في بني