يود لو أنه يكون من أتباعه بل ويتمنى أن يكون له شرف غسل قدميه.
فقد جاء في صحيح البخاري. أن الملك هرقل - بعد أن أتم استجواب أبي سفيان في قاعة العرش بالقدس - قال للترجمان قل لأبي سفيان: سألتك عن نسبه فزعمت أنه فيكم ذو نسب، وكذلك الرسل تبعث في نسب قومها.
وسألتك هل قال أحد منكم هذا القول قبله، فذكرت أن لا فقلت لو كان أحد قال هذا القول قبله لقلت رجل يتأسى بقول قيل قبله، وسألتك هل كان من آبائه من ملك فذكرت أن لا فلو كان من آبائه من ملك قلت رجل يطلب ملك أبيه.
وسألتك .. هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فذكرت أن لا. فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله.
وسألتك .. أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم؟ فذكرت أن ضعفاؤهم اتبعوه. وهم أتباع الرسل، وسألتك أيزيدون أم ينقصون؟ فذكرت أنهم يزيدون، وكذلك الإِيمان حين تخالط بشاشته القلوب.
وسألتك .. هل يغدر؟ فذكرت أن لا، وكذلك الرسل لا تغدر.
وسألتك .. بم يأمركم؟ فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشبكوا به شيئًا، وينهاكم عن عبادة الأوثان ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف، فإن كان ما تقول حقًّا فسيملك موضع قدمى هاتين. وقد كنت أعلم أنه خارج، لم أكن أظن أنه منكم، فلو أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه.
قال أبو سفيان: فلما قال ما قال (هرقل) وكثر الصخب وارتفعت الأصوات وخرجنا، فقلت لأصحابى حين خرجنا .. لقد أمِّر أمر ابن أبي كبشة (وهذه صفة ذم يصف المشركون بها الرسول - صلى الله عليه وسلم -) أنه يخافه ملك بني الأصفر (١).
[أثر كلام هرقل في نفس أبي سفيان]
ولا شك أن استجواب الإِمبراطور هرقل أبا سفيان مصارحته بأن صاحبهم