للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدم ولائهم للنبي - صلى الله عليه وسلم - وللإسلام ولكنهم جميعهم (فيما بعد) حسن إسلامهم وكانوا من الصحابة الأخيار وإنما كان الذي فاهوا به ساعة الهزيمة يوم حنين لأنهم حديثو العهد بالإسلام. لم يمض على دخولهم فيه (بعد هزيمتهم في مكة) سوى عشرة أيام. فيها لم يتمكن الإِسلام من قلوبهم .. من هؤلاء أبو سفيان بن حرب وسهيل بن عمرو. فقد قال أبو سفيان بن حرب: لا تنتهي هزيمتهم دون البحر، وقال رجل مِمَنْ أسلم، حسن الإِسلام صادق الإيمان اسمه أبو مقيت. سمعها من أبي سفيان. فقال له: (أما والله لولا أنى سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن قتلك لقتلتك وصرخ كلدة بن الحنبل أخو صفوان بن أمية لأمه .. أسود من سودان مكة: ألا بطل السحر، فقال له صفوان (وكان عاقلًا بعيد النظر): أسكت فض الله فاك؛ لأن يربنى ربُّ من قريش أحبّ إلي من أن يربنى رب (أي ملك) من هوازن، وقال هذا الاستنكار صفوان بن أمية وهو لا يزال على شركه وكان مع المسلمين يوم حنين لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عقب فتح مكة أعطى صفوان مهلة أربع أشهر فبقى على شركه ثم أسلم في الجعرانة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - عائدًا من حنين.

وقال سهيل بن عمرو (١) (كانا فيما بعد من خيار الصحابة): لا يجترها (أي مصيبة الهزيمة) محمد وأصحابه. وكان عكرمة بن أبي جهل ممن رسخ الإيمان في قلوبهم، وكان حاضرًا يسمع كلمات الشماتة هذه فقال لهؤلاء الشامتين: هذا ليس بقول، وإنما الأمر بيد الله وليس إلى محمَّد من الأمر شيء، إن أديل عليه فإن له العاقبة غدًا، فقال له سهيل بن عمرو: إن عهدك به لحديث. فقال عكرمة: يا أبا يزيد أن كنا لنُوضِعُ في غير شيء، وعقولنا عقولنا، نعبد الحجر لا ينفع ولا يضر (٢).

[كيف كانت هزيمة هوازن؟]

وهكذا وبعد أن تراجع المسلمون عن الهزيمة التي أصابتهم استبسلوا في القتال وأنزلوا أفدح الخسائر بالمشركين، وتحول بعض الصحابة عند العودة من الهزيمة إلى ما يشبه الإعصار يكتسح كل من يقف أمامه من الأعداء. ومن هؤلاء أبو


(١) انظر ترجمة سهيل بن عمرو في كتابنا (غزوة بدر الكبرى).
(٢) انظر مغازي الواقدي ج ٣ ص ٩١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>