للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن الوقوع في الأسر لا يعني صدور عفو عام عن الجرائم التي اقترفها الأسرى أيام حريتهم، وهؤلاء الطغمة من كبراء مكة لهم ماض شنيع في إيذاء الله ورسوله، وقد أَبطرتهم منازلهم فساقوا عامة مكة إلى حرب ما كان لها من داع فكيف يتركون بعد أن استمكنت الأَيدي من خناقهم؟ (١)

لقد كانت غزوة بدر هي المعركة الأولى بين المسلمين والمشركين، وكان المسلمون قلة والمشركون كثرة، وكان نقص عدد المحاربين من المشركين بالقتل أو بالأسر كسبًا ضخمًا في هذه الحالة لا يعدله مال.

وكان هنالك معنى آخر يراد تقريره في النفوس وتثبيته في العقول، ذلك هو المعنى الكبير الذي أَشار إليه عمر رضي الله عنه في صرامة ونصاعة (وحتى يعلم الله أن ليس في قلوبنا هوادة للمشركين) لهذين السببين الكبيرين نحسب أن الله كره للمسلمين أن يفادوا أساري بدر (٢).

فقتل الأَسيرين إذن .. النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إنما هو تنفيذ لما كان يريد القرآن تنفيذه وأمر تتطلبه ظروف المسلمين الحربية التي أجبروا فيها على خوض المعارك، التي أثارها هؤلاء البغاة وأَشعلوا أواردها بالقرب من ديار المسلمين.

[وفود التهنئة]

ولما وصل النبي إلى الروحاء (٣) لقيه رؤوس المسلمين من أَهل المدينة يهنئونه بما فتح الله عليه، فقال لهم سلمة بن سلامة، ما الذي


(١) فقه السيرة ص ١٨٢.
(٢) في ظلال القرآن ج ١٠ ص ٢٥.
(٣) الروحاء موضع بين الحرمين على ثلاثين أو أربعين ميلا من المدينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>