فبعد استبعاد فكرة قيام اليهود أنفسهم بغزو المدينة من حساب مشاريعهم العدوانية اجتمع زعماء هؤلاء اليهود في خيبر لانتهاج أنجع السبل التي يرون أنها كفيلة بنقل المعركة بصورة جدية إلى عقر دار المسلمين للقضاء عليهم قضاء تامًّا لتتحقق أحلام يهود بني النضير السوداء في العودة إلى السيطرة على يثرب المسلمة.
[مشروع الغزو الخطير]
وقد كانت نتيجة اجتماعات هؤلاء الزعماء في خيبر هو الاتفاق على مشروع قرار تقدم به (على ما يظهر) شيطان بني النضير حيّى بن أخطب.
وخلاصة هذا المشروع العدواني، هو أن يقوم وفد من زعماء خيبر بالسعى لدى جميع القبائل العربية التي لا زالت على وثنيتها وعدائها للإسلام والمسلمين لتحريضها على حرب المسلمين وإغرائها عن طريق الرشاوى والوعود لتوافق على أن تقوم منها قوات ضاربة مؤتلفة بغزو المسلمين في يثرب غزوًا شاملًا واحتلال المدينة احتلالًا كاملًا بعد إزالة الوجود الإسلامي إزالة تامة.
واتفق زعماء اليهود في خيبر على أن يكون في مقدِّمة المغريات التي يجب أن يغروا بها القبائل العربية الوثنية عند الطواف عليهم التعهد لهم بمنحهم كل ما تنتجه واحة خيبر من مختلف الحبوب والثمار لسنة واحدة بعد نجاح مشروع الغزو، على أن يساهم يهود خيبر (بسخاء كبير) في تحمل جانب كبير من تموينات هذا الغزو الكبير الذي قرر يهود خيبر (بإصرار) على إنجاحه وتحقيق أهدافه ليعودوا على أكتاف غيرهم إلى يثرب فاتحين من جديد.
وهذا يعني أن يهود خيبر قد قرروا استخدام كل إمكاناتهم المادية لإبادة المسلمين في المدينة عن طريق حرب شاملة تقوم بها قوات ضاربة لا من اليهود، ولكن من العناصر الوثنية من قريش والأعراب الذين يسهل
(١) انظر محاورة حيى بن أخطب أخاه ياسر عند مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - مهاجرًا في كتابنا (غزوة بدر الكبرى) ط ٤.