إنها صورة الهول الذي روع المدينة، والكرب الذي شملها، والذي لم ينتج منه أحد من أهلها، وقد أطبق عليها المشركون من قريش وغطفان واليهود من بني قريظة من كل جانب من أعلاها ومن أسفلها، فلم يختلف الشعور بالكرب والهول في قلب عن قلب، وإنما الذي اختلف هو استجابة تلك القلوب وظنها بالله، وسلوكها في الشدة، وتصوراتها للقيم والأسباب والنتائج، ومن ثم كان الإبتلاء كاملًا والإمتحان دقيقًا والتمييز بين المؤمنين حاسمًا لا تردد فيه (١).
[حديث القرآن عن المنافقين]
كما تحدث القرآن الكريم عن مواقف التخريب والإرجاف التي اتخذها المنافقون الموجودون في جيش المدينة، والتي بها ساهموا في مضاعفة الكرب والبلاء النازل بالنبي وصحبه، فقال تعالى:
وذلك أن بعض المنافقين، وقفوا في تلك الساعات الحاسمة التي عم فيها الخوف والرعب بين المسلمين، وقف هؤلاء المنافقون يسخرون من وعد الله ورسوله المؤمنين بالنصر، فقالوا .. كان محمد يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر وأحدنا الآن لا يستطيع الذهاب إلى الغائط (خوفًا) .. ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورًا.
وتحدث كذلك عن طائفة المنافقين الذين - عندما اشتد الكرب واستحكمت حلقات البلاء - انطلقوا يشيعون روح الهزيمة والفرار بين