للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحالة بين هوازن وقريش بعد ظهور الإسلام]

لم تكن العلاقات بين قريش وبين هوازن علاقات حسنة، بل كانت علاقات أشبه ما تكون حالتها بحرب قبلية .. وذلك منذ حرب الفِجار، فليس هناك ود بين قريش وبين هوازن بل قطعة وتربص. ولهذا لم يكن هناك أي اتصال أو تنسيق بين قريش وبين هوازن، عندما بدأت نذر الغزو النبوي لمكة تلمح في الأفق.

ولكن عندما وقعت مكة في قبضة جيش التوحيد شعر قادة هوازن بحرارة خطر الوجود الإِسلامي تلفح وجوههم، فاستعد قائدهم الشاب مالك بن عوف للمواجهة وحشد عشرين ألف مقاتل، لا للدفاع عن بلاد هوازن، وإنما للزحف على مكة لضرب المسلمين وإخراج الجيش النبوي منها لتعود من جديد تحت سلطان الوثنية.

[أسلوب قائد هوازن المتهور في التعبئة]

وقد اتبع القائد الشاب مالك بن عوف في تعبئة هوازن أسلوبًا غريبًا متهورًا، لم يسلكه أحد قبله في المعارك الفاصلة التي نشبت في الجزيرة.

فبعد أن تم له حشد عشرين ألف مقاتل من مختلف قبائل هوازن، قرر أن يزحف بهم على مكة، والأسلوب الغريب المتهور الذي اتبعه قائد هوازن، هو أنه قرر أن يصحب كل جندى أو قائد في جيش هوازن نساءه وأطفاله وكل ما يملك من إبل وشاة وذهب وفضة.

وهدف القائد الشاب من وراء ذلك أن يعطى المقاتلين في جيشه مزيدًا من التصميم على القتال عندما يصطدم بالمسلمين، وأن يقطع على كل مقاتل في الجيش فكرة الفرار من أمام المسلمين عند اللقاء، على أساس الاعتقاد أنه من المستحيل على محارب أن يهرب من الميدان ويترك زوجته ونساءه وكل ما يملك يقع في قبضة أعدائه.

ذلك هو منطلق فهم القائد الشاب مالك بن عوف للوضع وهو يحشد جيشه ويرسم الخطط للمعركة الفاصلة مع المسلمين، وقد نسى، أو بالأحرى جهل (لعدم خبرته بالسياسة الحربية) أن المنهزم لا يرده شيء، كما قال

<<  <  ج: ص:  >  >>