للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للعدو آتية من الشام إلى مكة، لم يزد حرسها على أَربعين مقاتلا.

وهو أَمر لا يستحق من الاستعداد أَكثر مما استعد به جيش المدينة عندما غادرها للاستيلاءِ على القافلة.

ولقد كان المسلمون -وخاصة المهاجرين الذين هاجروا وكل واحد منهم صفر اليدين بعد أَن صادر مشركومكة كل أَموالهم- كانوا حريصين كل الحرص على الاستيلاء على هذه القافلة الضخمة التي تتأَلف من أَلف بعير محملة بمختلف السلع والأَرزاق.

وكان الصحابة يومها في ضيق من العيش، يدل على هذا أَن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما فاتته العير وانتهى إلى بدر قال:

اللهم إنهم جياع فأَشبعهم، اللهم إنهم حفاة فأَحملهم، اللهم إنهم عراة فأَكسهم (١).

فقد كانوا يريدون العير، ولكن الله أَراد غير الذي أَرادوا، حيث وجدوا أَنفسهم (بدلا من العير وما تحمله من أَرزاق وأَموال يحلمون بالاستيلاء عليها) أَمام جيش لجب عرمرم، لا يحمل تجارة ولا أَرزاقا، وإنما يحمل أَلف سيف يجرها أَلف مقاتل من صفوة شباب مكة وأَمهر قادتها بحثًا عن الموت، فأُجبروا على خوض معركة يفوقهم فيها العدو عددًا وعدة أضعافًا مضاعفة.

[غير ذات الشوكة]

وهذا هو الذي عناه الله تعالى بقوله: {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ} (٢).


(١) فقه السيرة ص ١٨٠.
(٢) الأنفال آية ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>