وهنا أَدرك أَبو جهل أَن الأَمر قد جاءَ بتدبير سابق، فقال كلمته المشهورة .. هذا أَمر قضي بليل .. كما أَنه أَيقن أنه من الصعب الحيلولة بين هؤلاءِ الزعماءِ الخمسة وبين ما اعتزموا تحقيقه من إنهاءِ المقاطعة، وأَن مقاومتهم قد تثير شرًّا وتشعل حربًا، فتراجع ولاذ بالصمت، وهنا تقدم المطعم بن عدي إلى صحيفة المقاطعة ليمزقها، ليكون ذلك إيذانًا بانتهاء المقاطعة الآثمة، فوجد الصحيفة قد أَكلتها الأَرضة إلا فاتحتها (باسمك اللهم). وبتمزيق الصحيفة وإِخراجها من جوف الكعبة أصبح الحصار الاقتصادى والعزل الاجتماعى (الذي فرضته قريش علي بنى هاشم وبنى المطلب) لاغيًا.
وبهذا خرج المسلمون ومَن ناصرهم من مشركى بنى هاشم وبنى المطلب منتصرين من محنتهم، وعادوا من الشعب إِلى مكة لم تنحن لهم هامة، يبيعون كما يشاؤون، وتنفست الدعوة الإِسلامية الصعداء من جديد وازداد نشاطها، وفشلت (نهائيًا) سياسة التجويع والتضييق والمقاطعة.