للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك مما يدلّ على أن عنصر العمالقة ظل ذا شأن في الشام عبر الأحقاب، ورغم تغلب بعض الأمم الأخرى على الشام. هو أن ما أشار إليه المؤرخون الإِفرنج أن ملكًا اسمه (جنيدب) وملكتين اسم إحداهما (زبيبة) والأخرى سمسى (شمس) كانوا يحكمون أجزاء من الشام عام ٨٥٣ - ٧٣٠ ق. م وكانوا جميعًا قد حاربوا الأشوريين (١). كما تقدم في هذا التمهيد.

[ملوك الأنباط]

أما العهد الرئيسى الثاني من العهود الرئيسية للعرب الذين ملكوا الشام فهو عهد الأنباط الذين هم من أحفاد العمالقة العرب.

فقد ظهر هؤلاء الأنباط في الشام كشعب شديد الشكيمة وذا مقدرة قتالية فائقة كقبائل بدوية شديدة المراس ثمَّ ملوك كوَّنوا لهم إمبراطورية مترامية الأطراف. ظهروا هكذا حوالي أواخر القرن الرابع قبل الميلاد، وتعاقب منهم على الملك في الشام ١٨ ملكًا، أولهم الحارث الأوّل تسنم سدة الملك في منطقة البطرا (البتراء) عام ١٦٩ ق. م وآخرهم، مالك الثالث تولى الملك من عام ١٠١ حتى ١٠٦ بعد الميلاد.

وقد ازدهر ملك العمالقة الأنباط بالتدريج حتى تحول إلى إمبراطورية مترامية الأطراف شملت الشام كلها وسيناء وجانبًا من دلتا النيل. غربًا وما بين النهرين في العراق شرقًا. وحتى وادي القرى وتبوك وديار ثمود في الجزيرة العربية جنوبًا (٢).

[محاربة الأنباط لليونان]

كما قلنا. كان الأنباط شعبًا بدويًا محاربًا قوى الشكيمة وحتى قبل أن تتكون مملكتهم وينصب عليها ملوك ذو تيجان كانوا كعشائر محاربة قوية الشكيمة. يحاربون الإِمبراطوريات ويهزمون جيوشها ففي حوالي عام ٣١٢ ق. م هزمت عشائر الأنباط جيوش الإِسكندر المقدونى التي كان يقودها قائد جيوشه


(١) Musil, Deserte P. ٤٧٧, Olmstead, History of Assyria, P. ١٩٩.
(٢) انظر كتابنا (العرب في الشام قبل الإِسلام).

<<  <  ج: ص:  >  >>