فقد روى ابن هشام عن ابن إسحاق، قال: بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ناسًا من المنافقين يجتمعون في بيت سويلم اليهودى، وكان بيته عند جاسوم، يثبطون الناس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك، فبعث إليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - طلحة بن عبيد الله في نفر من أصحابه وأمره أن يحرق عليهم بيت سويلم ففعل طلحة بن عبيد الله، فاقتحم الضحاك بن خليفة من ظَهْر البيت، فانكسرت رجله، واقتحم أصحابه، فأفلتوا فقال الضحاك في ذلك:
كادت وبيت الله نار محمد ... يشيط بها الضحاك وابن أبيرق
وظلت وقد طبقت كبس سويلم ... أنوء على رجلى كسيرًا ومرفقى
سلام عليكم لا أعود لمثلها ... أخاف ومن تشمل به النار تحرق
ومع ما حدث من هؤلاء المتآمرين، فإن الرسول القائد صلى الله عليه وسلم اكتفى (فقط) في تأديب هؤلاء المتآمرين بحرق الوكر الذي يلتقون فيه وهو بيت سويلم اليهودى، فلم يأمر باعتقال أحد ممن كانوا في بيت سويلم ساعة مداهمته وإحراقه، وحتى سويلم اليهودى لم يتخذ الرسول صلى الله عليه وسلم ضده أي إجراء سوى حرق بيته.
[وكر أخطر]
ومع قيام قوى الأمن الإِسلامية بإحراق بيت سويلم اليهودى ملتقى المنافقين المتآمرين، فإن هؤلاء المنافقين، لم يكفوا (بأساليبهم الباطنية الخبيثة) عن الدس والتآمر ضد النبي - صلى الله عليه وسلم - وضد أصحابه، بل ظلوا موغلين في النفاق، يتظاهرون بالإسلام وإظهار شعائره كالصلاة، بينما يكيدون له ولنبيه في الخفاء، جاعلين من انتسابهم إلى هذا الدين غطاءًا لأعمالهم الإجرامية ومؤامراتهم الخبيثة التي دأبوا على حبكها ضد الإسلام بمختلف الأساليب.
وإذا كان هناك وكرٌ واحدٌ للمنافقين قد اكتشفته قوى الأمن الإسلامية في المدينة، وهدمه الرسول - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يتحرك بجيشه من المدينة، وهو بيت سويلم اليهودى، فإن هناك وكرًا أخطر وأعظم منه،