مسلمون وحريصون على مصلحة المسلمين، فكان زعماؤهم (مثل عبد الله بن أُبَيّ والجد بن قيس) يحضرون كثيرًا من الإِجتماعات التي يعقدها النبي - صلى الله عليه وسلم - مع كبار أصحابه، باعتبار أن زعماء المنافقين هؤلاء في الظاهر جزءًا من الأمة الإِسلامية، وقد كان النبي يتسامح معهم هكذا مع علمه أنهم منافقون، بل ويتجاوز عن كثير من تصرفاتهم ما دام أن هذه التصرفات لا تتعدى التنفيس عما تكنه صدورهم المريضة من بغض للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وما دام إنها لا تصل إلى درجة الإِضرار الفعلى بأمن الأمة الإِسلامية وسلامتها، فحين يصل المنافقون في تصرفاتهم إلى هذه الدرجة، فإن الرسول الحكيم الحازم، يتخذ ضدهم من الإِجراءات ما يحفظ لأمة الإِسلام أمنها وسلامتها.
لذلك كانت عيون المسلمين -وهو ما يسمى اليوم بأجهزة الأمن- تراقب هؤلاء المنافقين، ونتيجة مراقبة أجهزة الأمن هذه للمنافقين، تم اكتشاف نشاطات مشبوهة واجتماعات سرية يعقدها هؤلاء المنافقون للتآمر على سلامة الجيش وأمن الأمة الإِسلامية. فنقل حراس الأمن في المدينة إلى الرسول القائد - صلى الله عليه وسلم - أن هناك وكرًا تلتقى فيه سرًّا عناصر النفاق، وتحيك فيه الدسائس والمؤامرات التي تعرّض سلامة الجيش وأمن الأمة للخطر، وأن هذا الوكر على وجه التحديد، هو بيت أحد اليهود الذي رغم أنه في ذمة المسلمين وحمايتهم- قبل أن يكون بيته ملتقى لعناصر التخريب والتآمر على الإِسلام والمسلمين، وهذا اليهودى اسمه سويلم.
وعندما تبلغ الرسول - صلى الله عليه وسلم - خبر هذا الوكر وما يجرى فيه من دس وتآمر من المنافقين بمساندة بقايا اليهود أمر قوى الأمن في المدينة بأن تنسف وتدمر وكر التآمر هذا وهو بيت سويلم اليهودى، فسارعت قوى الأمن إلى محاصرة بيت سويلم اليهودى الذي كان فيه المتآمرون معه يعقدون اجتماعا من اجتماعاتهم المشبوهة، ثم أضرمت قوى الأمن الإِسلامية النار في ذلك الوكر على من فيه من المتآمرين، والتهمت النيران ذلك الوكر (بيت سويلم اليهودى) وكادت تلتهم المتآمرين المجتمعين فيه، لولا أنهم قفزوا من النوافذ فنجوا من الموت، وكان الذي تولى قيادة قوى الأمن التي نَفَّذَتْ عملية إحراق وتدمير بيت سويلم اليهودى الصحابي الشهير طلحة بن عبيد الله.