وبعد أن تأكدت قريش من نتيجة المعركة، وعرف كل بيت في مكة مصابه فيها أقامت المناحات، وهي المآتم - وتلك عادة جاهلية أزالها الإسلام.
ناحت قريش على قتلاها فترة قصيرة من الزمن، بعدها أصدر قادة مكة أمرًا بأن لا ينوح أحد على قتيل من قتلى هذه المعركة البتة، وأن يلتزم الناس السكون تجلدًا، ولئلا يشمت محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بهم.
لقد كانت فاجعة مكة في معركة بدر فاجعة مروعة حقًّا، ما منيت بمثلها تاريخها الطويل إذ لم يكد ينجو بيت فيها من مأتم على ابن أو زوج أخ أو أب أو قريب.
ولهذا هال زعماءُ مكة وأزعجهم أن سمعوا جبال هذه المدينة تردد أصوات النائحات الثكالى أينما ذهبوا بشكل تنهار له أقوى الأعصاب، حيث انقلبت مكة من أقصاها إلى أقصاها إلى مناحة مفزعة رهيبة.
فسارع هؤلاء الزعماء إلى إصدار خطر كامل منعوا بموجبه البكاء على قتلى بدر، لئلا يشمت بهم المسلمون.
ولقد بلغ المصاب من الهول إلى درجة أن بعض أشراف مكة فقد أكثر من ابن له في هذه المعركة التي أشعلها أبو جهل دونما مبرر إلا الخيلاء والغرور.
فقدْ، فَقَدَ صفوان بن أُمية في هذه المعركة أباه أُمية وأخاه علي بن أُمية، وفقد أبو سفيان بن حرب ابنه حظلة وأسر ابنه عمرو، كما فقد عكرمة بن أبي جهل أباه (واسمه عمرو بن هشام) وعمه